للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكِنْ لَمَّا كَانَ لِلْمُتَعَقِّبِ حَرْفٌ يَخُصُّهُ - وَهُوَ الْفَاءُ - صَارَتْ " ثُمَّ " عَلَامَةً عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي انْفَرَدَتْ بِهِ وَهُوَ التَّرَاخِي وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ لِمَدْخُولِ بِهَا: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ. أَوْ أَنْت طَالِقٌ فَطَالِقٌ: لَمْ يَكُنْ بَيْنَ هَذَيْنِ الْكَلَامَيْنِ فَرْقٌ هُنَا. الثَّانِي أَنَّ مَا فِيهَا مِنْ التَّرَاخِي إنَّمَا هُوَ فِي الْمَعْنَى لَا فِي اللَّفْظِ. فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: جَاءَ زَيْدٌ ثُمَّ عَمْرٌو. فَهَذَا كَلَامٌ مُتَّصِلٌ بَعْضُهُ بِبَعْضِ. لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هُوَ. بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ: عَمْرٌو. فَمَنْ قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ. بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ طَالِقٌ. فَقَدْ أَخْطَأَ؛ وَإِنَّمَا غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا يَتَرَاخَى عَنْهُ طَلَاقٌ آخَرُ. وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ تَعَلُّقِ الْجَمِيعِ بِالشَّرْطِ: تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ. فَإِذَا كَانَ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهَؤُلَاءِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ فَطَالِقٌ فَطَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ. وَقَوْلُهُ. أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ؛ ثُمَّ أَنْتُنَّ طَوَالِقُ: إنْ دَخَلْتُنَّ الدَّارَ. وَأَنَّ الشَّرْطَ تَعَلَّقَ بِالْجَمِيعِ؛ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْعَطْفَ بِمَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ يُوجِبُ الصَّرْفَ إلَى مَنْ يَلِيه الشَّرْطُ دُونَ السَّابِقَيْنِ وَهَلَّا قِيلَ هُنَا: إذَا ثَبَتَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ نَصًّا بِاللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ؛ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا يُغَيِّرُهُ: وَجَبَ


(١) بياض في الأصل قدر كلمتين
قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٢٢٧ - ٢٢٨):
ولعل موضع البياض [الإمام مالك]، فإنه رحمه الله أشد الأئمة في مسألة دخول الاستثناء في أيمان الطلاق والعتاق إيقاعاً وحلفاً، وقد ذكر الشيخ رحمه الله الخلاف في مسألة الاستثناء من الطلاق، فقال رحمه الله في دخول الاستثناء على الطلاق (٣٥/ ٢٨٤): (وقوم قالوا: [لا] (١) يدخل في ذلك الطلاق والعتاق، لا إيقاعهما ولا الحلف بهما، بصيغة الجزاء ولا بصيغة القسم وهذا أشهر القولين في مذهب مالك وإحدي الروايتين عن أحمد).

في الفتاوى: يدخل، وهو خلاف السياق، كما هو ظاهر