للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَقْرِيرُ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ؛ بَلْ مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ أَوْلَى بِقَصْرِ الشَّرْطِ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لِأَنَّ إحْدَى الطَّلْقَتَيْنِ لَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْأُخْرَى مِنْ حَيْثُ الْوُجُودُ؛ بَلْ يُمْكِنُ إيقَاعُهُمَا مَعًا؛ بِخِلَافِ وَلَدِ الْوَلَدِ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُوجَدُونَ إلَّا مُتَعَاقِبَيْنِ. فَالْحَاجَةُ هنا دَاعِيَةٌ إلَى التَّرْتِيبِ مَا لَا تَدْعُو إلَيْهِ فِي الطَّلَاقِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ جَوَازَ تَعْقِيبِ الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ وَنَحْوِهِمَا بِالشُّرُوطِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّ مَذْهَبَ شريح وَطَائِفَةٍ مَعَهُ - وَهِيَ رِوَايَةٌ مَرْجُوحَةٌ عَنْ أَحْمَد - أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطِ مُتَأَخِّرٍ كَمَا ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ (١) وَغَيْرِهِمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الطَّلَاقِ. فَإِذَا كَانُوا قَدْ أَعَادُوا الشَّرْطَ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ الْمُرَتَّبَةِ بِثُمَّ. فَالْقَوْلُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِهَا أَوْلَى. وَهَذَا الْكَلَامُ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ يَجْتَثُّ قَاعِدَةَ مَنْ نُسِبَ إلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مَا يُخَالِفُ هَذَا. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنْبَلِيَّةِ: فَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بِهِ هُنَا؟ قُلْنَا: قَدْ أَسْلَفْنَا فِيمَا مَضَى أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ إلَى الْجَمِيعِ فِي أُصُولِ الْجَمِيعِ؛ لِدَلِيلِ دَلَّ عَلَى الرُّجُوعِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الضَّمِيرِ حَقِيقَةً