للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ تَأَوَّلَ الْقَاضِي رِوَايَةَ الميموني فَقَالَ: وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى مَا نَقَلَ الخرقي. قَالَ: قَالَ أَحْمَد فِي رِوَايَةِ: الميموني إذَا وَقَفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلْمَسَاكِينِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ وَقَفَهَا فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ لَبْسٍ. قَالَ: وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا وَقْفَ الدَّرَاهِمِ؛ وَإِنَّمَا أَرَادَ إذَا أَوْصَى بِأَلْفِ تُنْفَقُ عَلَى أَفْرَاسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَوَقَّفَ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لِأَنَّ نَفَقَةَ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عَلَى مَنْ وَقَفَهُ فَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ إلَى أَيْنَ تُصْرَفُ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ إذَا كَانَ نَفَقَةُ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عَلَى أَصْحَابِهِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ وَقَفَ الْأَلْفَ لَمْ يُوصِ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَصَّى أَنْ تُنْفَقَ عَلَى خَيْلٍ وَقَفَهَا غَيْرُهُ جَازَ ذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ؛ كَمَا لَوْ وَصَّى بِمَا يُنْفِقُ عَلَى مَسْجِدٍ بَنَاهُ غَيْرُهُ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ نَفَقَةَ الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ عَلَى مَنْ وَقَفَهُ. لَيْسَ بِمُسَلَّمِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ بَلْ إنْ شَرَطَ لَهُ الْوَاقِفُ نَفَقَةً وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَسَائِرِ مَا يُوقَفُ لِلْجِهَاتِ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ. وَإِذَا تَعَذَّرَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ بِيعَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَاقِفِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ. وَأَحْمَد تَوَقَّفَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ؛ لَا فِي وَقْفِهَا؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى جِهَةٍ خَاصَّةٍ: كَبَنِي فُلَانٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي عَيْنِهِ. فَلَوْ وَقَفَ أَرْبَعِينَ شَاةً عَلَى بَنِي فُلَانٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ. قَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ وَقَفَ أَرْضًا أَوْ غَنَمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ: لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا عُشْرَ: هَذَا فِي السَّبِيلِ؛ إنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا جَعَلَهُ فِي قَرَابَتِهِ