للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُهُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِرَقَبَةِ الْوَقْفِ. وَجَعَلُوا ذَلِكَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَفِي مَذْهَبِهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِ الْوَقْفِ؛ لِقُصُورِ ذَلِكَ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " وَابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا مَا وَقَفَهُ عَلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ: كَالْجِهَادِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ فِي مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَأَمَّا مَالِكٍ فَيُوجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ. فَتَوَقَّفَ أَحْمَد فِيمَا وَقْف فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ؛ لِأَنَّ فِيهَا اشْتِبَاهًا؛ لِأَنَّ الْكُرَاعَ وَالسِّلَاحَ قَدْ يُعَيِّنُهُ لِقَوْمِ بِعَيْنِهِمْ: إمَّا لِأَوْلَادِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ؛ بِخِلَافِ مَا هُوَ عَامٌ لَا يَعْتَقِبُهُ التَّخْصِيصُ.

فَصْلٌ:

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ وَصَّى بِفَرَسِ وَسَرْجٍ وَلِجَامٍ مُفَضَّضٍ: يُوقَفُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَبِيسٌ فَهُوَ عَلَى مَا وَقَفَ وَأَوْصَى وَإِنْ بِيعَ الْفِضَّةُ مِنْ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَجُعِلَ فِي وَقْفِ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا وَلَعَلَّهُ يُشْتَرَى بِتِلْكَ الْفِضَّةِ سَرْجٌ وَلِجَامٌ فَيَكُونُ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ. فَقِيلَ لَهُ: تُبَاعُ الْفِضَّةُ وَتُصْرَفُ فِي نَفَقَةِ الْفَرَسِ؟ قَالَ: لَا. وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي وَأَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي وَغَيْرُهُمْ. فَقَدْ صَرَّحَ أَحْمَد بِأَنَّ الْفَرَسَ وَاللِّجَامَ الْمُفَضَّضَ هُوَ عَلَى مَا وَقَفَ وَأَوْصَى وَأَنَّهُ إنْ بِيعَتْ الْفِضَّةُ مِنْ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَجُعِلَ فِي وَقْفِ مِثْلِهِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْهِ. قَالَ: لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا وَلَعَلَّهُ يُشْتَرَى بِتِلْكَ الْفِضَّةِ سَرْجٌ وَلِجَامٌ فَيَكُونُ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ. فَخُيِّرَ بَيْنَ إبْقَاءِ الْحِلْيَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَقْفًا وَبَيْنَ