للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ تُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ سَرْجٍ وَلِجَامٍ. وَهَذَا يُبَيِّنُ أَفْضَلَ الْأَمْرَيْنِ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْفِضَّةَ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا. لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ بِهَا بِحَالِ؛ فَإِنَّ التَّخَلِّيَ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ وَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُ مَنْ يَصُوغُ الْحِلْيَةَ الْمُبَاحَةَ وَلَوْ أَتْلَفَ مُتْلِفٌ الصِّيَاغَةَ الْمُبَاحَةَ ضَمِنَ ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَنْفَعَةٌ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا وَلَا ضَمِنَتْ بِالْإِتْلَافِ؛ بَلْ أَرَادَ نَفْيَ كَمَالِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يُقَالُ هَذَا لَا يَنْفَعُ. يُرَادُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ مَنْفَعَةً تَامَّةً. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهَا مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْمُسْلِمِينَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ كِلَاهُمَا سَائِغٌ وَالثَّانِي أَنْفَعُ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِحَالِ لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ؛ فَإِنَّ وَقْفَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لَا يَجُوزُ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ أَفْضَلَ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يُبَاعَ الْوَقْفُ وَيُبَدَّلَ بِمَا هُوَ أَنْفَعُ مِنْهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَأَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ إبْقَائِهِ وَقْفًا؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوجِبْ الْإِبْدَالَ. وَقَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى مَا وَقَفَ وَأَوْصَى. يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا حُكْمُ مَا وَقَفَهُ وَمَا وَصَّى بِوَقْفِهِ؛ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا هِيَ فِيمَنْ وَصَّى بِوَقْفِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ فِيمَا وَصَّى بِوَقْفِهِ؛ كَمَا يَجِبُ فِيمَا وَقَفَهُ كَمَا يَجِبُ اتِّبَاعُ كَلَامِهِ فِيمَا وَصَّى بِعِتْقِهِ كَمَا يَجِبُ ذَلِكَ فِيمَا أَعْتَقَهُ؛ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِفَ وَيُعْتِقَ غَيْرَ مَا أَوْصَى بِوَقْفِهِ وَعِتْقِهِ؛ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَوْقُوفَ وَالْمُعْتَقَ غَيْرَ مَا وَقَفَهُ وَأَعْتَقَهُ. فَجَوَازُ الْإِبْدَالِ فِي أَحَدِهِمَا كَجَوَازِهِ فِي الْآخَرِ. وَقَدْ عَلَّلَ اسْتِحْبَابَهُ لِلْإِبْدَالِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِ الْبَدَلِ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ الزِّينَةِ.