للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} إلَى قَوْلِهِ. {إنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} فَأَخْبَرَ عَنْ الشَّيْطَانِ أَنَّهُ يَخَافُ اللَّهَ وَالْعُقُوبَةُ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى تَرْكِ مَأْمُورٍ أَوْ فِعْلٍ مَحْظُورٍ وَلَيْسَ هُوَ هُنَا التَّصْدِيقَ. وَأَيْضًا فَإِبْلِيسُ الَّذِي هُوَ أَبُو الْجِنِّ. لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَتُهُ تَكْذِيبًا فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِالسُّجُودِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ رَسُولٌ يُكَذِّبُهُ وَلَمَّا امْتَنَعَ عَنْ السُّجُودِ لِآدَمَ عَاقَبَهُ اللَّهُ الْعُقُوبَةَ الْبَلِيغَةَ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إذَا سَجَدَ ابْنُ آدَمَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي} الْحَدِيثَ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} إلَى قَوْلِهِ. {عَذَابِ السَّعِيرِ} وَقَدْ جَعَلَ فِي ذَلِكَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ طَاعَةِ سُلَيْمَانَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى عَنْ إبْلِيسَ. إنَّهُ عَصَى وَلَمْ يَقُلْ كَذَّبَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى. عَنْ الْجِنِّ. {يَا قَوْمَنَا إنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} إلَى قَوْلِهِ. {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} الْآيَةَ. فَأُمِرُوا بِإِجَابَةِ دَاعِي اللَّهِ الَّذِي هُوَ الرَّسُولُ. وَالْإِجَابَةُ وَالِاسْتِجَابَةُ هِيَ طَاعَةُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهِيَ الْعِبَادَةُ الَّتِي خُلِقَ لَهَا الثَّقَلَانِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ} . وَمَنْ قَالَ " إنَّ الْعِبَادَةَ " هِيَ الْمَعْرِفَةُ الْفِطْرِيَّةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا وَأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْإِيمَانُ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي الثَّقَلَيْنِ فَقَطْ: فَإِنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّقَلَيْنِ كَافِرٌ وَاَللَّهُ أَخْبَرَ بِكُفْرِ إبْلِيسَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: