للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ الْبَكَارَةُ؟ أَوْ الصِّغَرُ؟ أَوْ مَجْمُوعُهَا؟ أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا؟ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنَاطَ الْإِجْبَارِ هُوَ الصِّغَرُ وَأَنَّ الْبِكْرَ الْبَالِغَ لَا يُجْبِرُهَا أَحَدٌ عَلَى النِّكَاحِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ وَلَا الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي؟ فَقَالَ: إذْنُهَا صُمَاتُهَا} وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحِ {الْبِكْرُ يَسْتَأْذِنُهَا أَبُوهَا} فَهَذَا نَهْيُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُنْكَحُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ. وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْأَبُ وَغَيْرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الصَّحِيحَةِ؛ وَأَنَّ الْأَبَ نَفْسَهُ يَسْتَأْذِنُهَا. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً إلَّا بِإِذْنِهَا وَبُضْعُهَا أَعْظَمُ مِنْ مَالِهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي بُضْعِهَا مَعَ كَرَاهَتِهَا وَرُشْدِهَا وَأَيْضًا: فَإِنَّ الصِّغَرَ سَبَبُ الْحَجْرِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَأَمَّا جَعْلُ الْبَكَارَةِ مُوجِبَةً لِلْحَجْرِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِأُصُولِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَجْعَلْ الْبَكَارَةَ سَبَبًا لِلْحَجْرِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا فَتَعْلِيلُ الْحَجْرِ بِذَلِكَ تَعْلِيلٌ بِوَصْفِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ. وَأَيْضًا: فَإِنَّ الَّذِينَ قَالُوا بِالْإِجْبَارِ اضْطَرَبُوا فِيمَا إذَا عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَعَيَّنَ الْأَبُ كُفُؤًا آخَرَ: هَلْ يُؤْخَذُ بِتَعْيِينِهَا؟ أَوْ بِتَعْيِينِ الْأَبِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. فَمَنْ جَعَلَ الْعِبْرَةَ بِتَعْيِينِهَا نَقَضَ أَصْلَهُ وَمَنْ جَعَلَ