لَيْسَ بِحَكَمِ وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَمْرِ الْأَئِمَّةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْأَهْلِ وَلَا يَخْتَصُّ بِحَالِ الشِّقَاقِ وَلَا يُحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إلَى نَصٍّ خَاصٍّ؛ وَلَكِنْ إذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ فَلَا بُدَّ مِنْ وَلِيٍّ لَهُمَا يَتَوَلَّى أَمْرَهُمَا؛ لِتَعَذُّرِ اخْتِصَاصِ أَحَدِهِمَا بِالْحُكْمِ عَلَى الْآخَرِ. فَأَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُجْعَلَ أَمْرُهُمَا إلَى اثْنَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا فَيَفْعَلَانِ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ مِنْ جَمْعٍ بَيْنَهُمَا وَتَفْرِيقٍ: بِعِوَضِ أَوْ بِغَيْرِهِ. وَهُنَا يَمْلِكُ الْحَكَمُ الْوَاحِدُ مَعَ الْآخَرِ الطَّلَاقَ بِدُونِ إذْنِ الرَّجُلِ وَيَمْلِكُ الْحَكَمُ الْآخَرُ مَعَ الْأَوَّلِ بَذْلَ الْعِوَضِ مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِهَا؛ لِكَوْنِهِمَا صَارَا وَلِيَّيْنِ لَهُمَا. وَطَرْدُ هَذَا الْقَوْلُ: أَنَّ الْأَبَ يُطَلِّقُ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ: إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ؛ كَمَا هُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَد. وَكَذَلِكَ يُخَالِعُ عَنْ ابْنَتِهِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ لَهَا. وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ إذَا قِيلَ: هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ. كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ. وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ؛ وَلَيْسَ الصَّدَاقُ كَسَائِرِ مَالِهَا؛ فَإِنَّهُ وَجَبَ فِي الْأَصْلِ نِحْلَةً وَبُضْعُهَا عَادَ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ وَكَانَ إلْحَاقُ الطَّلَاقِ بالفسوخ فَوَجَبَ أَلَّا يَتَنَصَّفَ؛ لَكِنَّ الشَّارِعَ جَبَرَهَا بِتَنْصِيفِ الصَّدَاقِ؛ لِمَا حَصَلَ لَهَا مِنْ الِانْكِسَارِ بِهِ وَلِهَذَا جُعِلَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ الْمُتْعَةِ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ فَأَوْجَبُوا الْمُتْعَةَ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ؛ إلَّا لِمَنْ طَلَقَتْ بَعْدَ الْفَرْضِ وَقَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute