الدُّخُولِ وَالْمَسِيسِ فَحَسْبُهَا مَا فُرِضَ لَهَا. وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ لَا يُوجِبُونَ الْمُتْعَةَ إلَّا لِمَنْ طَلَقَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالدُّخُولِ وَيَجْعَلُونَ الْمُتْعَةَ عِوَضًا عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَيَقُولُونَ: كُلُّ مُطَلَّقَةٍ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ صَدَاقًا؛ إلَّا هَذِهِ. وَأُولَئِكَ يَقُولُونَ: الصَّدَاقُ اسْتَقَرَّ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِالْعَقْدِ وَالدُّخُولِ وَالْمُتْعَةُ سَبَبُهَا الطَّلَاقُ فَتَجِبُ لِكُلِّ مُطَلَّقَةٍ؛ لَكِنَّ الْمُطَلَّقَةَ بَعْدَ الْفَرْضِ وَقَبْلَ الْمَسِيسِ مُتِّعَتْ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ فَلَا تَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ. وَهَذَا الْقَوْلُ أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ: فَإِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الطَّلَاقَ سَبَبَ الْمُتْعَةِ فَلَا يُجْعَلُ عِوَضًا عَمَّا سَبَّبَهُ الْعَقْدُ وَالدُّخُولُ؛ لَكِنْ يُقَالُ عَلَى هَذَا: فَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَصَحُّ؛ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ أَحْمَد: أَنَّ كُلَّ مُطَلَّقَةٍ لَهَا مُتْعَةٌ؛ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ وَعُمُومُهُ حَيْثُ قَالَ: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ: {إذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} . فَأَمَرَ بِتَمْتِيعِ الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَلَمْ يَخُصَّ ذَلِكَ بِمَنْ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا مَعَ أَنَّ غَالِبَ النِّسَاءِ يَطْلُقْنَ بَعْدَ الْفَرْضِ. وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَ سَبَبُ الْمُتْعَةِ هُوَ الطَّلَاقَ فَسَبَبُ الْمَهْرِ هُوَ الْعَقْدُ. فَالْمُفَوَّضَةُ الَّتِي لَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا يَجِبُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وَيَسْتَقِرُّ بِالْمَوْتِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ بروع بِنْتِ وَاشِقٍ الَّتِي تَزَوَّجَتْ وَمَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ لَهَا مَهْرٌ وَقَضَى لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ {لَهَا مَهْرَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ} لَكِنْ هَذِهِ لَوْ طَلَقَتْ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute