الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ وَزَوَالِ الْكَفَاءَةِ: هَلْ تُثْبِتُ الْفَسْخَ؟ فَأَمَّا حُدُوثُ نِيَّةِ الطَّلَاقِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا بَعْدَ شَهْرٍ فَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّ أَحَدًا قَالَ إنَّ ذَلِكَ يُبْطِلَ النِّكَاحَ فَإِنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُ؛ وَقَدْ لَا يُطَلِّقُ عِنْدَ الْأَجَلِ. كَذَلِكَ النَّاوِي عِنْدَ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَتَزَوَّجُ الْآخَرَ إلَى أَنْ يَمُوتَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفُرْقَةِ وَالرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْأَمَةَ الَّتِي يُرِيدُ سَيِّدُهَا عِتْقَهَا وَلَوْ أُعْتِقَتْ كَانَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَخْتَارُهُ وَهُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ. وَلَوْ كَانَ عِتْقُهَا مُؤَجَّلًا أَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً وَتَزَوَّجَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَهَا عِنْدَ مُدَّةِ الْأَجَلِ اخْتِيَارُ فِرَاقِهِ. وَالنِّكَاحُ مَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ. فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَيْسَ بِلَازِمِ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَرْأَةِ لَازِمٌ. ثُمَّ إذَا عُرِفَ أَنَّهُ بَعْدَ مُدَّةٍ يَزُولُ اللُّزُومُ مِنْ جِهَتِهَا وَيَبْقَى جَائِزًا لَمْ يُقْدَحْ فِي النِّكَاحِ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ نِكَاحُ الْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ وَبِشُرُوطِ يَشْتَرِطُهَا الزَّوْجُ مَعَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا الْخِيَارُ إذَا لَمْ يُوفِ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ. فَعُلِمَ أَنَّ مَصِيرَهُ جَائِزًا مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ لَا يَقْدَحُ وَإِنْ كَانَ هَذَا يُوجِبُ انْتِفَاءَ كَمَالِ الطُّمَأْنِينَةِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. فَعَزْمُهُ عَلَى الْمِلْكِ بِبَعْضِ الطُّمَأْنِينَةِ. مِثْلُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُقْدِمَةً عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَهَذَا مِنْ لَوَازِمَ النِّكَاحِ فَلَمْ يَعْزِمْ إلَّا عَلَى مَا يَمْلِكُهُ بِمُوجَبِ الْعَقْدِ وَهُوَ كَمَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يُطَلِّقَهَا إنْ فَعَلَتْ ذَنْبًا أَوْ إذَا نَقَصَ مَالُهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ. فَعَزْمُهُ عَلَى الطَّلَاقِ إذَا سَافَرَ إلَى أَهْلِهِ أَوْ قَدِمَتْ امْرَأَتُهُ الْغَائِبَةُ أَوْ قَضَى وَطَرَهُ مِنْهَا: مِنْ هَذَا الْبَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute