وَزَيْدٌ كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ وَلَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ زَوْجِيَّتِهِ؛ بَلْ مَا زَالَتْ زَوْجَتَهُ حَتَّى طَلَّقَهَا وَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك} وَقِيلَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ كَانَ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ سَيَتَزَوَّجُهَا وَكَتَمَ هَذَا الْإِعْلَامَ عَنْ النَّاسِ فَعَاتَبَهُ اللَّهُ عَلَى كِتْمَانِهِ فَقَالَ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} مِنْ إعْلَامِ اللَّهِ لَك بِذَلِكَ. وَقِيلَ: بَلْ الَّذِي أَخْفَاهُ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا تَزَوَّجَهَا. وَبِكُلِّ حَالٍ لَمْ يَكُنْ عَزْمُ زَيْدٍ عَلَى الطَّلَاقِ قَادِحًا فِي النِّكَاحِ فِي الِاسْتِدَامَةِ وَهَذَا مِمَّا لَا نَعْرِفُ فِيهِ نِزَاعًا. وَإِذَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ الْعَزْمُ عَلَى طَلَاقِهَا فِي الْحَالِ. وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ إذَا نَوَى الطَّلَاقَ بِقَلْبِهِ وَقَعَ. فَإِنَّ قَلْبَ زَيْدٍ كَانَ قَدْ خَرَجَ عَنْهَا وَلَمْ تَزَلْ زَوْجَتَهُ إلَى حِينِ تَكَلَّمَ بِطَلَاقِهَا وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلُ بِهِ} وَهَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِك. وَلَا يَلْزَمُ إذَا أَبْطَلَهُ شَرْطُ التَّوْقِيتِ أَنْ تُبْطِلَهُ نِيَّةُ التَّطْلِيقِ فِيمَا بَعْدُ؛ فَإِنَّ النِّيَّةَ الْمُبْطِلَةَ مَا كَانَتْ مُنَاقِضَةً لِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَالطَّلَاقُ بَعْدَ مُدَّةٍ أَمْرٌ جَائِزٌ لَا يُنَاقِضُ مَقْصُودَ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الطَّلَاقِ؛ بِخِلَافِ الْمُحَلِّلِ فَإِنَّهُ لَا رَغْبَةَ لَهُ فِي نِكَاحِهَا أَلْبَتَّةَ بَلْ فِي كَوْنِهَا زَوْجَةَ الْأَوَّلِ وَلَوْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِغَيْرِ تَحْلِيلٍ لَمْ يُحِلَّهَا هَذَا. وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ الْعِوَضَ فَلَوْ حَصَلَ لَهُ بِدُونِ نِكَاحِهَا لَمْ يَتَزَوَّجْ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودُهُ هُنَا وَطْأَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ: فَهَذَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute