للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" الثَّالِثُ " قَوْلُهُ: إنَّ الْمُهَاجِرَ مِنْ عَبِيدِهِمْ يَكُونُ حُرًّا لَهُ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ؛ كَمَا فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرَةَ وَمَنْ هَاجَرَ مَعَهُ مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الطَّائِفِ وَهَذَا لَا رَيْبَ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ مَلَكَ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّ مَالَ أَهْلِ الْحَرْبِ مَالُ إبَاحَةٍ فَمَنْ غَلَبَ عَلَى شَيْءٍ مَلَكَهُ؛ فَإِذَا غَلَبَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يَمْلِكَهَا وَالْإِسْلَامُ يَعْصِمُ ذَلِكَ.

" الرَّابِعُ " أَنَّ الْمُهَاجِرَ مِنْ رَقِيقِ الْمُعَاهِدِينَ: يُرَدُّ عَلَيْهِمْ ثَمَنُهُ دُونَ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ مَالَهُمْ مَعْصُومٌ: فَهُوَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَبْدُ الذِّمِّيِّ يُؤْمَرُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِبَيْعِ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ وَلَا يُرَدُّ عَيْنَهُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَسْتَرِقُّونَ الْمُسْلِمَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ بِخِلَافِ رَدِّ الْحُرِّ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يَسْتَرِقُّونَهُ وَلِهَذَا لَمَّا شَرَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ فَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَرُدَّ النِّسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ فَقَالَ: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} لِأَنَّهُ يُسْتَبَاحُ فِي الْكُفْرِ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ مَا لَا يُسْتَبَاحُ مِنْ الرَّجُلِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْأَسِيرَةَ كَالرَّجُلِ الْأَسِيرِ وَأَمَرَهُ بِرَدِّ الْمَهْرِ عِوَضًا.