وَقَدْ يُرَخِّصُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ رَاجِحَةٌ؛ لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ بِهِ الْمَالُ وَلِهَذَا جَازَ السِّبَاقُ بِالْأَقْدَامِ وَالْمُصَارَعَةُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ نُهِيَ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِهِ. وَكَذَلِكَ رُخِّصَ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي الْأَفْرَاحِ وَإِنْ نُهِيَ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِهِ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْمُقَامَرَةِ فَلَا يَجُوزُ قَصْرُ النَّهْيِ عَلَى ذَلِكَ. وَلَوْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ النَّرْدِ وَنَحْوِهِ لِمُجَرَّدِ الْمُقَامَرَةِ لَكَانَ النَّرْدُ مِثْلَ سِبَاقِ الْخَيْلِ وَمِثْلَ الرَّمْيِ بِالنِّشَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ الْمُقَامَرَةَ إذَا دَخَلَتْ فِي هَذَا حَرَّمُوهُ مَعَ أَنَّهُ عَمَلٌ صَالِحٌ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {ارْمُوا وَارْكَبُوا وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا} {وَمَنْ تَعَلَّمَ الرَّمْيَ ثُمَّ نَسِيَهُ فَلَيْسَ مِنَّا} {وَكَانَ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ يُسَابِقُونَ بَيْنَ الْخَيْلِ} {وَقَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} الْآيَةَ ثُمَّ قَالَ: أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ أَلَا إنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ} فَكَيْفَ يُشَبَّهُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْأَمْرِ بِهِ بِمَا نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَأَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَإِذَا لَمْ يُجْعَلْ الْمُوجِبُ لِلتَّحْرِيمِ إلَّا مُجَرَّدَ الْمُقَامَرَةِ كَانَ النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ كَالْمُنَاضَلَةِ. " الْوَجْهُ الثَّانِي " أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ فِي الْأَصْلِ هِيَ الْمُقَامَرَةُ لَكِنَّ الشَّارِعَ قَرَنَ بَيْنَ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ فِي التَّحْرِيمِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute