الصَّلَاةِ؛ بَلْ يُنْهَى مِنْهَا عَمَّا يَصُدُّ عَنْ الْوَاجِبِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ} فَمَا كَانَ مُلْهِيًا وَشَاغِلًا عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ ذِكْرِهِ وَالصَّلَاةِ لَهُ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِنْسُهُ مُحَرَّمًا: كَالْبَيْعِ؛ وَالْعَمَلِ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. فَلَوْ كَانَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَنَحْوِهِمَا فِي جِنْسِهِ مُبَاحًا؛ وَإِنَّمَا حُرِّمَ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ: كَانَ تَحْرِيمُهُ مِنْ جِنْسِ تَحْرِيمِ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ الْمَبِيعَاتِ وَالْمُؤَجَّرَاتِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ كَبُيُوعِ الْغَرَرِ. فَإِنَّ هَذِهِ لَا يُعَلَّلُ النَّهْيُ عَنْهَا بِأَنَّهَا تَصُدُّ عَمَّا يَجِبُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ مِنْهُ مَا كَانَ يَصُدُّ وَأَنَّ الْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةَ: لَا يُعَلَّلُ تَحْرِيمُهَا بِأَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تِلْكَ الْمُعَامَلَاتُ الصَّحِيحَةُ يُنْهَى مِنْهَا عَمَّا يَصُدُّ عَنْ الْوَاجِبِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمَيْسِرِ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْفَاسِدَةِ وَأَنَّ نَفْسَ الْعَمَلِ بِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِأَجْلِ هَذِهِ الْمَفْسَدَةِ كَمَا حُرِّمَ شُرْبُ الْخَمْرِ. وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا حَرَّمَ الرِّبَا لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ وَأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ قَرَنَ بِذَلِكَ ذِكْرَ الْبَيْعِ الَّذِي هُوَ عَدْلٌ وَقَدَّمَ عَلَيْهِ ذِكْرَ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ إحْسَانٌ. فَذَكَرَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ حُكْمَ الْأَمْوَالِ: الْمُحْسِنُ وَالْعَادِلُ وَالظَّالِمُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute