الْوَجْهُ الرَّابِعُ " أَنَّ الْمُغَالَبَةَ بِمِثْلِ هَذَا تُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَتَصُدَّهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَهَذَا مِنْ جِنْسِ النِّقَارِ بَيْنَ الدُّيُوكِ وَالنِّطَاحِ بَيْنَ الْكِبَاشِ؛ وَمِنْ جِنْسِ مُغَالَبَاتِ الْعَامَّةِ الَّتِي تَضُرُّهُمْ وَلَا تَنْفَعُهُمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ. وَالْمَيْسِرُ هُوَ الْقِمَارُ؛ لِأَنَّهُ يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَيُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ. و " الْمَيْسِرُ الْمُحَرَّمُ " لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ عِوَضٌ بَلْ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عِوَضٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ. وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ} لِأَنَّ النَّرْدَ يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ وَيُوقِعُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ؛ وَهَذِهِ الْمُغَالِبَاتُ تَصُدُّهُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ؛ وَتُوقِعُ بَيْنِهِمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ: أَعْظَمَ مِنْ النَّرْدِ فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ قَدْ حَرَّمَ الشِّطْرَنْجَ وَجَعَلَهُ مَالِكٌ أَعْظَمَ مِنْ النَّرْدِ مَعَ أَنَّ اللَّاعِبِينَ بِالنَّرْدِ وَالشِّطْرَنْجِ وَإِنْ كَانُوا فُسَّاقًا: فَهُمْ أَمْثَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ. وَهَذَا بَيِّنٌ. " الْوَجْهُ الْخَامِسُ " وَهُوَ أَنَّ غَالِبَ هَؤُلَاءِ: إمَّا زِنْدِيقٌ مُنَافِقٌ؛ وَإِمَّا فَاجِرٌ فَاسِقٌ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ بَرٌّ؛ بَلْ وُجِدَ حَاذِقُهُمْ مُنْسَلِخًا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ مُضَيِّعًا لِلصَّلَوَاتِ مُتْبِعًا لِلشَّهَوَاتِ؛ لَا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ وَلَا يُحَرِّمُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُ دِينَ الْمُسْلِمِينَ. وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا كَانَ فَاسِقًا مُرْتَكِبًا لِلْمُحَرَّمَاتِ؛ تَارِكًا لِلْوَاجِبَاتِ. وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ إمَّا النِّفَاقُ وَإِمَّا الْفِسْقُ: كَانَ حُكْمُ اللَّهِ فِي الزِّنْدِيقِ قَتْلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَحُكْمُهُ فِي الْفَاسِقِ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ: إمَّا بِالْقَتْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالْمُخَالِطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute