للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنُ حَجَّاجٍ " تَغَنَّتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَأَخَذَ شَعْرَهُ ثُمَّ رَآهُ جَمِيلًا فَنَفَاهُ إلَى الْبَصْرَةِ وَقَالَ: لَا يَكُونُ عِنْدِي مَنْ تَغَنَّى بِهِ النِّسَاءُ. فَكَيْفَ لَوْ رَأَى عُمَرُ مِنْ يُغَنِّي بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْمَوْزُونَةِ فِي المردان مَعَ كَثْرَةِ الْفُجُورِ وَظُهُورِ الْفَوَاحِشِ وَقِلَّةِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُضَادِّينَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِدِينِهِ. وَيَدْعُونَ إلَى مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ؛ وَيَصُدُّونَ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ؛ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا. " الْوَجْهُ الثَّالِثُ " أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الْمَوْزُونَ كَلَامٌ فَاسِدٌ مُفْرَدًا أَوْ مُرَكَّبًا لِأَنَّهُمْ غَيَّرُوا فِيهِ كَلَامَ الْعَرَبِ وَبَدَّلُوهُ؛ بِقَوْلِهِمْ: مَاعُوا وَبَدَوْا وَعَدَوْا. وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا تَمُجُّهُ الْقُلُوبُ وَالْأَسْمَاعُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ الْعُقُولُ وَالطِّبَاعُ. وَأَمَّا " مُرَكَّبَاتُهُ " فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَوْزَانِ الْعَرَبِ؛ وَلَا هُوَ مِنْ جِنْسِ الشِّعْرِ وَلَا مِنْ أَبْحُرِهِ السِّتَّةَ عَشَرَ وَلَا مَنْ جِنْسِ الْأَسْجَاعِ وَالرَّسَائِلِ وَالْخُطَبِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ " تَعَلُّمَ الْعَرَبِيَّةِ؛ وَتَعْلِيمَ الْعَرَبِيَّةِ " فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ وَكَانَ السَّلَفُ يُؤَدِّبُونَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى اللَّحْنِ. فَنَحْنُ مَأْمُورُونَ أَمْرَ إيجَابٍ أَوْ أَمْرَ اسْتِحْبَابٍ أَنْ نَحْفَظَ الْقَانُونَ الْعَرَبِيَّ؛ وَنُصْلِحَ الْأَلْسُنَ الْمَائِلَةَ عَنْهُ؛ فَيَحْفَظُ لَنَا طَرِيقَةَ فَهْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَالِاقْتِدَاءِ بِالْعَرَبِ فِي خِطَابِهَا. فَلَوْ تُرِكَ النَّاسُ عَلَى لَحْنِهِمْ كَانَ نَقْصًا وَعَيْبًا؛ فَكَيْفَ إذَا جَاءَ قَوْمٌ إلَى الْأَلْسِنَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ وَالْأَوْزَانِ الْقَوِيمَةِ: فَأَفْسَدُوهَا بِمِثْلِ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتِ وَالْأَوْزَانِ الْمُفْسِدَةِ لِلِّسَانِ النَّاقِلَةِ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ الْعَرْبَاءِ إلَى أَنْوَاعِ الْهَذَيَانِ؛ الَّذِي لَا يَهْذِي بِهِ إلَّا قَوْمٌ مِنْ الْأَعَاجِمِ الطَّمَاطِمِ الصميان "