وَأَمَّا مَا ذَكَرَتْ: أَنَّ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى فِيهِ زِيَادَةٌ وَهُوَ أَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً وَالْمُطَلَّقَةُ تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ: فَلَيْسَ هَذَا زِيَادَةً؛ بَلْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ بِالطَّلْقَةِ هُنَا الْفَسْخَ: كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُعَارِضَةً لِتِلْكَ؛ فَإِنَّ تِلْكَ الرِّوَايَةَ فِيهَا نَصٌّ بِأَنَّهَا تَلْحَقُ بِأَهْلِهَا مَعَ الْحَيْضَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا قَوْلُهُ: {أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ} لَكَانَ هَذَا بَيِّنًا فِي أَنَّهُ أَمَرَهَا بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ لَا بِأَكْثَرَ مِنْهَا؛ إذْ لَوْ أَمَرَهَا بِثَلَاثِ لَمَا جَازَ أَنْ يُقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: " أَمَرَهَا بِحَيْضَةِ وَاحِدَةٍ " فَكَيْفَ وَقَدْ قَالَ: " وَتَلْحَقُ بِأَهْلِهَا " وَأَيْضًا فَسَائِرُ الرِّوَايَاتِ مِنْ الطُّرُقِ يُعَاضِدُ هَذَا أَوْ يُوَافِقُ وَقَدْ عَضَّدَهَا عَمَلُ عُثْمَانَ بْنِ عفان وَهُوَ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ طُرُقِ حَدِيثِهِ وَأَنَّهُ اتَّبَعَ فِي ذَلِكَ السُّنَّةَ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ. وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّاوِيَةِ الْأُخْرَى: " أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ " لَكَانَ هَذَا تَعَارُضًا فِي الرِّوَايَةِ يُنْظَرُ فِيهِ إلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ. فَكَيْفَ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا قَوْلُهُ: " وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " وَالرَّاوِي لِذَلِكَ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَصَاحِبُهُ وَهُمَا يَرْوِيَانِ أَيْضًا " أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةِ " وَهُمَا أَيْضًا يَقُولَانِ: الْخُلْعُ فِدْيَةٌ لَا تُحْسَبُ مِنْ الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ. وَقَوْلُهُ: " وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " إنْ كَانَ هَذَا مَحْفُوظًا مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يُقَالَ: الطَّلَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute