للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِعِوَضِ لَا تُحْسَبُ فِيهِ الْعِدَّةُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ؛ وَيَكُونُ هَذَا مَخْصُوصًا مِنْ لَفْظِ الْقُرْآنِ. وَإِذَا قِيلَ: هَذَا فِي الطَّلَاقِ بِعِوَضِ: فَهُوَ فِي الْخُلْعِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " هُوَ الْخُلْعُ؛ وَإِنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَ الشَّارِعِ بَيْنَ لَفْظِ الْخُلْعِ وَالطَّلَاقُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِعِوَضِ؛ فَإِنَّ هَذَا فِدْيَةٌ؛ وَلَيْسَ هُوَ الطَّلَاقَ الْمُطْلَقَ فِي كِتَابِ اللَّهِ؛ كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِنْ السَّلَفِ؛ وَهَذَا يَعُودُ إلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ. وَبِكُلِّ حَالٍ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجْعَلْ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ عِدَّةً عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ صَرِيحٌ بِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَفِيهِ الْعِدَّةُ. وَأَيْضًا: فَهَذَا إجْمَاعٌ فِيمَا نَعْلَمُهُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا نَازَعَ فِي هَذَا وَقَالَ: إنَّ الْخُلْعَ طَلْقَةٌ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا عِدَّةَ فِيهِ. وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْمَنْقُولِ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى يَحْيَى بْنُ بكير حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سَمِعَ الربيع بِنْتَ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ وَهِيَ تُخْبِرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ فَجَاءَ عَمُّهَا إلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: إنَّ ابْنَةَ معيذ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الْيَوْمَ أَفَتَنْتَقِلُ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: لِتَنْتَقِلْ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا؛ إلَّا أَنَّهَا لَا تَنْكِحُ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً؛ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَبَلٌ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: وَلَعُثْمَانُ خَيَّرَنَا وَأَعْلَمَنَا. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: فَهَذَا عُثْمَانُ والربيع وَلَهَا صُحْبَةٌ وَعَمُّهَا وَهُوَ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَابْنُ عُمَرَ: كُلُّهُمْ لَا يَرَى فِي الْفَسْخِ عِدَّةً.