للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابْنِ مَسْعُودٍ: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ. وَأَجَابُوا عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ: " أَحَدُهُمَا " أَنَّ هَذَا فِيهِ حَدِيثٌ آخَرُ صَحِيحٌ وَأَيْضًا فَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ بَقِيَ قُرْآنٌ لَكِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ. و " الثَّانِي " أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ لَا يَقُولُ بِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ بَلْ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ؛ بَلْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ الشَّاذَّةَ إذَا صَحَّ النَّقْلُ بِهَا عَنْ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا فِي الْأَحْكَامِ. و " الْقَوْلُ الثَّانِي " فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُحَرِّمُ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ؛ وَهِيَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ أَحْمَد. وَهَؤُلَاءِ احْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} وَقَالَ اسْمُ " الرَّضَاعَةِ " فِي الْقُرْآنِ مُطْلَقٌ. وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا تُخَالِفُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُ عُمُومِ الْقُرْآنِ وَتَقْيِيدُ مُطْلَقِهِ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ. فَقَالَ " الْأَوَّلُونَ ": هَذِهِ أَخْبَارٌ صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَكَوْنُهَا لَمْ تَبْلُغْ بَعْضَ السَّلَفِ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ تَرْكَ الْعَمَلِ بِهَا عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ صِحَّتَهَا. وَأَمَّا الْقُرْآنُ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: فَكَمَا أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِدَلِيلِ آخَرَ أَنَّ الرَّضَاعَةَ مُقَيَّدَةٌ بِسِنِّ مَخْصُوصٍ فَكَذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِقَدْرِ مَخْصُوصٍ. وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ عُلِمَ بِالسُّنَّةِ مِقْدَارُ الْفِدْيَةِ فِي قَوْلِهِ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وَإِنْ كَانَ الْخَبَرُ الْمَرْوِيُّ خَبَرًا وَاحِدًا؛ بَلْ كَمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ " {أَنَّهُ لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا