للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرَامٌ} وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ} رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِي وَصَحَّحَهُ وَقَدْ رَوَى أَهْلُ السُّنَنِ مِثْلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ. وَالْأَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ فِي هَذَا الْبَابِ. وَلَكِنَّ عُذْرَ مَنْ خَالَفَهَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُمْ وَسَمِعُوا أَنَّ مِنْ الصَّحَابَةِ مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ وَبَلَغَتْهُمْ فِي ذَلِكَ آثَارٌ: فَظَنُّوا أَنَّ الَّذِي شَرِبُوهُ كَانَ مُسْكِرًا وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي تَنَازَعَ فِيهِ الصَّحَابَةُ هُوَ مَا نُبِذَ فِي الْأَوْعِيَةِ الصُّلْبَةِ؛ فَإِنَّ {النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَهُوَ الْقَرْعُ وَفِي الْحَنْتَمِ وَهُوَ مَا يُصْنَعُ مِنْ التُّرَابِ مِنْ الْفَخَّارِ وَنَهَى عَنْ النَّقِيرِ وَهُوَ الْخَشَبُ الَّذِي يُنْقَرُ وَنَهَى عَنْ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الظَّرْفُ الْمُزَفَّتُ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْتَبِذُوا فِي الظُّرُوفِ الْمُوكَاةِ} وَهُوَ أَنْ يُنْقَعَ التَّمْرُ أَوْ الزَّبِيبُ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ فَيُشْرَبَ حُلْوًا قَبْلَ أَنْ يَشْتَدَّ. فَهَذَا حَلَالٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْتَبِذُوا هَذَا النَّبِيذَ الْحَلَالَ فِي تِلْكَ الْأَوْعِيَةِ؛ لِأَنَّ الشِّدَّةَ تَدِبُّ فِي الشَّرَابِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَشْرَبُهُ الْمُسْلِمُ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَنَّهُ قَدْ اشْتَدَّ فَيَكُونُ قَدْ شَرِبَ مُحَرَّمًا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْتَبِذُوا فِي الظَّرْفِ الَّذِي يَرْبُطُونَ فَمَه لِأَنَّهُ إنْ اشْتَدَّ الشَّرَابُ انْشَقَّ الظَّرْفُ فَلَا يَشْرَبُونَ مُسْكِرًا. وَالنَّهْيُ عَنْ " نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ الْقَوِيَّةِ " فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مُسْتَفِيضَةٌ ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ إبَاحَةُ ذَلِكَ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بريدة بْنِ الحصيب قَالَ: قَالَ