للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

" فَالثَّانِي " وَإِنَّ تَوَهَّمَ الْمُتَوَهِّمُ أَنَّ فِيهِ تَقَدُّمَةً لِلْمَعْرِفَةِ بِالْحَوَادِثِ وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ. فَالْجَهْلُ فِي ذَلِكَ أَضْعَفُ وَمَضَرَّةُ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ؛ وَلِهَذَا قَدْ عَلِمَ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ بِالتَّجْرِبَةِ وَالتَّوَاتُرِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْمُنَجِّمُونَ يَكُونُ الْكَذِبُ فِيهَا أَضْعَافُ الصِّدْقِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْكُهَّانِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: {إنْ مِنَّا قَوْمًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ فَقَالَ: إنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ فَيَكُونُ حَقًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَسْمَعُهَا الْجِنِّيُّ يُقِرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ} " وَأَخْبَرَ " {أَنَّ اللَّهَ إذَا قَضَى بِالْأَمْرِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا: الْحَقَّ. وَأَنَّ كُلَّ أَهْلِ السَّمَاءِ يُخْبِرُونَ أَهْلَ السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهِمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَهُنَاكَ مُسْتَرِقَةُ السَّمْعِ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ فَرُبَّمَا سَمِعَ الْكَلِمَةَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الشِّهَابُ وَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ بَعْدَ أَنْ يُلْقِيَهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ أَتَوْا بِالْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ؛ وَلَكِنْ يَزِيدُونَ فِي الْكَلِمَةِ مِائَةَ كِذْبَةٍ} ". وَهَكَذَا " الْمُنَجِّمُونَ " حَتَّى إنِّي خَاطَبْتهمْ بِدِمَشْقَ وَحَضَرَ عِنْدِي رُؤَسَاؤُهُمْ. وَبَيَّنْت فَسَادَ صِنَاعَتِهِمْ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يَعْتَرِفُونَ بِصِحَّتِهَا قَالَ رَئِيسٌ مِنْهُمْ: وَاَللَّهِ إنَّا نَكْذِبُ مِائَةَ كِذْبَةٍ حَتَّى نَصْدُقَ فِي كَلِمَةٍ.