للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّجُلِ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ هُوَ حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ لَا بِنِسْبَةِ وَكُلُّ مَنْ تَدَيَّنَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ دَخَلَ فِي دِينِهِمْ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَسَوَاءٌ كَانَ دُخُولُهُ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْ أَحْمَد وَإِنْ كَانَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الثَّابِتُ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا وَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِي أَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ قَدِيمٌ وَاحْتَجَّ بِذَلِكَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَنْ لَا يُقِرُّ الرَّجُلَ فِي دِينِهِمْ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ كَمَنْ هُوَ فِي زَمَانِنَا إذَا انْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّهُ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَتُنْكَحُ نِسَاؤُهُ. وَهَذَا يُبَيِّنُ خَطَأَ مَنْ يُنَاقِضُ مِنْهُمْ. وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ يَقُولُونَ مَنْ دَخَلَ هُوَ أَوْ أَبَوَاهُ أَوْ جَدُّهُ فِي دِينِهِمْ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَقَرَّ بِالْجِزْيَةِ سَوَاءٌ دَخَلَ فِي زَمَانِنَا هَذَا أَوْ قَبْلَهُ. وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْآخَرِ يَقُولُونَ: مَتَى عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ إلَّا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ؛ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد مَعَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَالصَّوَابُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ؛ وَالدَّلِيلِ عَلَيْهِ وُجُوهٌ: " أَحَدُهَا " أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْصَارِ جَمَاعَةٌ تَهَوَّدُوا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَلِيلِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. إنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ مِقْلَاتًا - وَالْمُقِلَّاتُ الَّتِي لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ. كَثِيرَةُ الْقَلَتِ وَالْقَلَتُ الْمَوْتُ وَالْهَلَاكُ كَمَا يُقَالُ: امْرَأَةٌ مِذْكَارٌ وميناث إذَا كَانَتْ كَثِيرَةَ الْوِلَادَةِ