لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالسُمَّا (١) الْكَثِيرَةُ الْمَوْتِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَنْذِرُ إنْ عَاشَ لَهَا وَلَدَانِ تَجْعَلُ أَحَدَهُمَا يَهُودِيًّا لِكَوْنِ الْيَهُودِ كَانُوا أَهْلَ عِلْمٍ وَكِتَابٍ وَالْعَرَبُ كَانُوا أَهْلَ شِرْكٍ وَأَوْثَانٍ؛ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا كَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَنْصَارِ تَهَوَّدُوا فَطَلَبَ آبَاؤُهُمْ أَنْ يُكْرِهُوهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} الْآيَةُ. فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانَ آبَاؤُهُمْ مَوْجُودِينَ تَهَوَّدُوا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا دُخُولٌ بِأَنْفُسِهِمْ فِي الْيَهُودِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَ مَبْعَثِ الْمَسِيحِ وَهَذَا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ وَمَعَ هَذَا نَهَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ إكْرَاهِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَهَوَّدُوا بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُمْ بِالْجِزْيَةِ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ عَقْدِ الذِّمَّةِ لِمَنْ دَخَلَ بِنَفْسِهِ فِي دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْدَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ. فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ الْآخَرِ. وَمَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ يَعْقِدُ لَهُ الذِّمَّةَ ثَبَتَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِنَفْسِهِ لَا بِنَسَبِهِ وَأَنَّهُ تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ وَطَعَامُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ الْمَانِعَ لِذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْهُ إلَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ هَذَا الصِّنْفَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَا يَدْخُلُونَ فَإِذَا ثَبَتَ بِنَصِّ السُّنَّةِ أَنَّهُمْ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ دَخَلُوا فِي الْخِطَابِ بِلَا نِزَاعٍ. " الْوَجْهُ الثَّانِي " أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ وَحَوْلَهَا كَانُوا عُرُبًا وَدَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ؛ وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَفْصِلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِ طَعَامِهِمْ وَحِلِّ نِسَائِهِمْ وَإِقْرَارِهِمْ بِالذِّمَّةِ: بَيْنَ مَنْ دَخَلَ أَبَوَاهُ بَعْدَ مَبْعَثِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ ذَلِكَ؛ وَلَا بَيْنَ الْمَشْكُوكِ فِي نَسَبِهِ؛ بَلْ حَكَمَ
(١) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute