للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَلَكٌ. إِمَّا أَنْ تُرِيدَ هَذَا الْبَشَرَ الْوَاحِدَ فَيَكُونُ خَاصًّا أَوْ جَمِيعَ جِنْسِ الْبَشَرِ فَيَكُونُ عَامًّا أَوْ تُرِيدُ الْبَشَرَ مُطْلَقًا مُجَرَّدًا عَنْ قَيْدِ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ وَضَبْطُهُ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ فِي التَّفْضِيلِ عُمُومًا وَخُصُوصًا وَالثَّانِي عُمُومًا وَالثَّالِثُ خُصُوصًا وَالرَّابِعُ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُطْلَقَةِ الْمُجَرَّدَةِ. فَنَقُولُ حِينَئِذٍ: الْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَسْت أَعْلَمُ فِيهَا مَقَالَةً سَابِقَةً مُفَسِّرَةً وَرُبَّمَا نَاظَرَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى تَفْضِيلِ الْمَلَكِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى تَفْضِيلِ الْبَشَرِ وَرُبَّمَا اشْتَبَهَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الصَّالِحِ وَغَيْرِهِ. لَكِنَّ الَّذِي سَنَحَ لِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ - أَنَّ حَقِيقَةَ الْمَلَكِ أَكْمَلُ وَأَرْفَعُ وَحَقِيقَةَ الْإِنْسَانِ أَسْهَلُ وَأَجْمَعُ. وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ: أَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا الْحَقِيقَتَيْنِ وَصِفَاتِهِمَا النَّفْسِيَّةَ وَالتَّبَعِيَّةَ: اللَّازِمَةُ الْغَالِبَةُ الْحَيَاةُ وَالْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ: فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَجَدْنَا أَوَّلًا خَلْقَ الْمَلَكِ أَعْظَمُ صُورَةً وَمَحَلَّهُ أَرْفَعَ وَحَيَاتَهُ أَشَدَّ وَعِلْمَهُ أَكْثَرَ وَقُوَاهُ أَشَدَّ وَطَهَارَتَهُ وَنَزَاهَتَهُ أَتَمَّ وَنَيْلَ مَطَالِبِهِ أَيْسَرَ وَأَتَمَّ وَهُوَ عَنْ الْمُنَافِي وَالْمُضَادِّ أَبْعَدُ لَكِنْ تَجِدُ هَذِهِ الصِّفَاتِ لِلْإِنْسَانِ - بِحَسَبِ حَقِيقَتِهِ - مِنْهَا أَوْفَرَ حَظًّا وَنَصِيبًا مِنْ الْحَيَاةِ وَالْخَلْقِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالطَّهَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَهُ أَشْيَاءُ لَيْسَتْ لِلْمَلَكِ مِنْ إدْرَاكِهِ دَقِيقَ الْأَشْيَاءِ: حِسًّا وَعَقْلًا وَتَمَتُّعُهُ بِمَا يُدْرِكُهُ بِبَدَنِهِ وَقَلْبِهِ وَهُوَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَنْكِحُ وَيَتَمَنَّى وَيَتَغَذَّى