للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشَّرْعِيَّةِ لَمْ تَجُزْ عُقُوبَتُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَلَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَقُولُهُ إذَا كَانَ يَقُولُ إنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَمَا قَالَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَهَذَا إذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ إلَّا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَالْمُنَازِعُ لَهُ يَتَكَلَّمُ بِلَا عِلْمٍ وَالْحُكْمُ الَّذِي حَكَمَ بِهِ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَعُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْكِبَارُ لَوْ قَالُوا بِمِثْلِ قَوْلِ الْحُكَّامِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلْزَامُ النَّاسِ بِذَلِكَ إلَّا بِحُجَّةِ شَرْعِيَّةٍ لَا بِمُجَرَّدِ حُكْمِهِمْ.

فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى النَّاسِ اتِّبَاعَ الرَّسُولِ وَطَاعَتَهُ وَاتِّبَاعَ حُكْمِهِ وَأَمْرِهِ وَشَرْعِهِ وَدِينِهِ؛ وَهُوَ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ؛ وَهُوَ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ وَالرَّشَادِ وَالْغَيِّ وَطَرِيقِ الْجَنَّةِ وَطَرِيقِ النَّارِ وَبِهِ هَدَى اللَّهُ الْخَلْقَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إلَى إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا} {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَا أَحَدٌ أَحَبُّ إلَيْهِ الْعُذْرُ مِنْ اللَّهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} فَالْحُجَّةُ عَلَى الْخَلْقِ تَقُومُ بِالرُّسُلِ وَمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ هُوَ الشَّرْعُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ قَبُولُهُ وَإِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يَتَحَاكَمُ جَمِيعُ الْخَلْقِ.