للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَخْبَرَهُمْ فَسَكَنَ إلَى خَبَرِهِ فَلَمَّا هَالَهُنَّ حُسْنُهُ قُلْنَ: {مَا هَذَا بَشَرًا إنْ هَذَا إلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} لِأَنَّ هَذَا الْحُسْنَ لَيْسَ بِصِفَةِ بَشَرٍ. وَثَانِيهُمَا: أَنَّهُنَّ اعْتَقَدْنَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَيْرٌ مِنْ النَّبِيِّينَ فَكَانَ هَذَا الِاعْتِقَادُ خَطَأً مِنْهُنَّ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْرَنْ بِالْإِنْكَارِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ فَإِنَّ قَوْلَهُنَّ: {مَا هَذَا بَشَرًا} خَطَأٌ. وَقَوْلُهُنَّ: {إنْ هَذَا إلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} خَطَأٌ أَيْضًا فِي غَيْبَتِهِنَّ (*) عَنْهُ أَنَّهُ بَشَرٌ وَإِثْبَاتُهُنَّ أَنَّهُ مَلَكٌ وَإِنْ لَمْ يُقْرَنْ بِالْإِنْكَارِ: دَلَّ عَلَى أَنَّهُ حَقٌّ وَأَنَّ قَوْلَهُنَّ: {مَا هَذَا بَشَرًا إنْ هَذَا إلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} خَطَأٌ فِي نَفْيِهِنَّ عَنْهُ الْبَشَرِيَّةَ وَإِثْبَاتِهِنَّ لَهُ الْمَلَائِكِيَّةَ؛ وَإِنْ لَمْ يُقْرَنْ بِالْإِنْكَارِ لِغَيْبَةِ عُقُولِهِنَّ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ فَلَمْ يُلَمْنَ فِي تِلْكَ الْحَالِ عَلَى ذَلِكَ. وَأَقُولُ أَيْضًا: إنَّ النِّسْوَةَ لَمْ يَكُنَّ يَقْصِدْنَ أَنَّهُ نَبِيٌّ؛ بَلْ وَلَا أَنَّهُ مِنْ الصَّالِحِينَ إذْ ذَاكَ وَلَمْ يَشْهَدْنَ لَهُ فَضْلًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبَشَرِ فِي الصَّلَاحِ وَالدِّينِ وَإِنَّمَا شَهِدْنَ بِالْفَضْلِ فِي الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ وَسَبَاهُنَّ جَمَالُهُ فَشَبَّهْنَهُ بِحَالِ الْمَلَائِكَةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّفْضِيلِ فِي شَيْءٍ مِنْ الَّذِي نُرِيدُ. ثُمَّ نَقُولُ: إذَا كَانَ التَّفْضِيلُ بِالْجَمَالِ حَقًّا: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ تَدْخُلُ الزُّمْرَةُ الْأُولَى وَوُجُوهُهُمْ كَالشَّمْسِ وَاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ كَالْقَمَرِ الْحَدِيثِ؛ فَهَذِهِ حَالُ السُّعَدَاءِ عِنْدَ الْمُنْتَهَى وَإِنْ كَانَ فِي الْجَمَالِ وَالْمَلَكِ تَفْضِيلٌ: فَإِنَّمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا؛ لِعِلْمِ عَلِمَهُ النِّسَاءُ وَأَكْثَرُ النَّاسِ.


(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٤٢ - هامش):
كذا، وهو تصحيف صوابه: نفيهن.