وَيُشَبَّهُ مَثَلُ هَذَا بِمَثَلِ هَذَا وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَشْبِيهَ ذَاتِ هَذَا بِذَاتِ هَذَا؛ فَإِنَّ الْخَبَرَ عَنْ الْأَشْيَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهَا وَهُوَ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ أَوَّلًا عَنْ " الْمَثَلِ الْعِلْمِيِّ " الَّذِي يُسَمَّى الصُّورَةَ الذِّهْنِيَّةَ ثُمَّ إذَا كَانَ الْخَبَرُ صَادِقًا فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ مُطَابِقَةٌ لِمَا تَصَوَّرَهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ إنَّمَا يُعَبِّرُونَ عَنْ الشَّيْءِ وَيَصِفُونَهُ بِمَا يَعْرِفُونَهُ وَتَتَنَوَّعُ أَسْمَاؤُهُ عِنْدَهُمْ لِتَنَوُّعِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنْ صِفَاتِهِ. وَمَنْ رَأَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْمَنَامِ فَإِنَّهُ يَرَاهُ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ بِحَسَبِ حَالِ الرَّائِي إنْ كَانَ صَالِحًا رَآهُ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ؛ وَلِهَذَا رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ. وَ " الْمُشَاهَدَاتُ " الَّتِي قَدْ تَحْصُلُ لِبَعْضِ الْعَارِفِينَ فِي الْيَقَظَةِ كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِابْنِ الزُّبَيْرِ لَمَّا خَطَبَ إلَيْهِ ابْنَتَهُ فِي الطَّوَافِ: أَتُحَدِّثُنِي فِي النِّسَاءِ وَنَحْنُ نَتَرَاءَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي طَوَافِنَا وَأَمْثَالُ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمِثَالِ الْعِلْمِيِّ الْمَشْهُودِ لَكِنَّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّهِ فِيهَا كَلَامٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ؛ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ. فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصٌ بِمَا لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهِ غَيْرُهُ. وَهَذَا الْمِثَالُ الْعِلْمِيُّ يَتَنَوَّعُ فِي الْقُلُوبِ بِحَسَبِ الْمَعْرِفَةِ بِاَللَّهِ وَالْمَحَبَّةِ لَهُ تَنَوُّعًا لَا يَنْحَصِرُ؛ بَلْ الْخَلْقُ فِي إيمَانِهِمْ " بِاَللَّهِ " وَ " كِتَابِهِ " و " رَسُولِهِ " مُتَنَوِّعُونَ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute