فَلِكُلِّ مِنْهُمْ فِي قَلْبِهِ لِلْكِتَابِ وَالرَّسُولِ مِثَالٌ عِلْمِيٌّ بِحَسَبِ مَعْرِفَتِهِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمْ فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَبِكِتَابِهِ وَبِرَسُولِهِ - فَهُمْ مُتَنَوِّعُونَ فِي ذَلِكَ مُتَفَاضِلُونَ. وَكَذَلِكَ إيمَانُهُمْ بِالْمَعَادِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ وَكَذَلِكَ مَا يُخْبِرُ بِهِ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ هُوَ كَذَلِكَ بَلْ يُشَاهِدُونَ الْأُمُورَ وَيَسْمَعُونَ الْأَصْوَاتَ وَهُمْ مُتَنَوِّعُونَ فِي الرُّؤْيَةِ وَالسَّمَاعِ فَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَتَبَيَّنُ لَهُ مَنْ حَالِ الْمَشْهُودِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لِلْآخَرِ حَتَّى قَدْ يَخْتَلِفُونَ فَيُثْبِتُ هَذَا مَا لَا يُثْبِتُ الْآخَرُ فَكَيْفَ فِيمَا أُخْبِرُوا بِهِ مِنْ الْغَيْبِ. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُمْ عَنْ الْغَيْبِ بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ وَلَيْسَ كُلُّهُمْ سَمِعَهَا مُفَصَّلَةً وَاَلَّذِينَ سَمِعُوا مَا سَمِعُوا لَيْسَ كُلُّهُمْ فَهِمَ مُرَادَهُ بَلْ هُمْ مُتَفَاضِلُونَ فِي السَّمْعِ وَالْفَهْمِ كَتَفَاضُلِ مَعْرِفَتِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ بِحَسَبِ ذَلِكَ حَتَّى يُثْبِتَ أَحَدُهُمْ أُمُورًا كَثِيرَةً وَالْآخَرُ لَا يُثْبِتُهَا لَا سِيَّمَا مَنْ عَلِقَ بِقَلْبِهِ شُبَهُ الْنُّفَاةِ؛ فَهُوَ يَنْفِي مَا أَثْبَتَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ. وَهَذَا يُبَيِّنُ لَك أَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ مُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ - وَإِنْ كَانُوا مُتَفَاضِلِينَ فِي الْإِيمَانِ - إلَّا مَنْ شَاقَّ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَاتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ. ثُمَّ هُمْ يَتَفَاضَلُونَ فِي الْعِلْمِ وَالْإِرَادَةِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ أَكْثَرَ مَحَبَّةً لِلَّهِ وَذِكْرًا وَعِبَادَةً كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَهُ أَقْوَى وَأَرْسَخَ مِنْ حَيْثُ الْمَحَبَّةُ وَالْعِبَادَةُ لِلَّهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ مَا لَيْسَ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute