للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُطْلَقِ وَالْمُعَيَّنِ وَهَذَا يُشْبِهُ الْفَرْقَ بَيْنَ جِنْسِ الْإِنْسَانِ وَأَعْيَانِ النَّاسِ وَجِنْسِ الْحَيَوَانِ وَأَعْيَانِ الْحَيَوَانِ فَيَكُونُ الرَّبُّ مِثْلَ الْجِنْسِ أَوْ الْعَرَضِ الْعَامِّ لِسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ لَهُ وُجُودٌ مُتَمَيِّزٌ بِنَفْسِهِ مُبَايِنٌ لِلْمَخْلُوقَاتِ؛ إذْ الْكُلِّيَّاتُ - كَالْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالْفَصْلِ وَالْخَاصَّةِ وَالْعَرَضِ الْعَامِّ - لَا تُوجَدُ فِي الْخَارِجِ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأَعْيَانِ الْمَوْجُودَةِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعُقَلَاءِ وَإِنَّمَا يُحْكَى الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عَنْ شِيعَةِ أَفْلَاطُونَ " وَنَحْوِهِ: الَّذِينَ يَقُولُونَ بِإِثْبَاتِ " الْمُثُلِ الأفلاطونية " وَهِيَ الْكُلِّيَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الْأَعْيَانِ خَارِجَ الذِّهْنِ وَعَنْ شِيعَةِ " فيثاغورس " فِي إثْبَاتِ الْعَدَدِ الْمُطْلَقِ خَارِجَ الذِّهْنِ. وَالْمُعَلِّمُ الْأَوَّلُ " أَرِسْطُو " وَأَتْبَاعُهُ مُتَّفِقُونَ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ فَلَوْ ظَنُّوا أَنَّ الْبَارِيَ تَعَالَى هُوَ الْوُجُودُ الْمُطْلَقُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَوَقَعُوا فِيمَا فَرُّوا مِنْهُ؛ فَإِنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ مُبَايَنَتَهُ لِوُجُودِ الْمَخْلُوقَاتِ وَانْفِصَالِهِ عَنْهَا؛ مَعَ أَنَّ عَاقِلًا لَا يَقُولُ: إنَّ صِفَةً تَكُونُ مُبْدِعَةً لِلْمَوْصُوفِ وَلَا إنَّ " الْكُلِّيَّاتِ " هِيَ الْمُبْدِعَةُ لِمُعَيِّنَاتِهَا. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ جَمَاهِيرَ الْخَلَائِقِ مِنْ مُثْبِتَةِ عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَمِنْ نفاة ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِمْ يَقُولُونَ بِإِثْبَاتِ هَذَا التَّقْسِيمِ وَالْحَصْرِ وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُبَايِنًا لِغَيْرِهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ محايثا مُدَاخِلًا؛ فَإِذَا انْتَفَى أَحَدُهُمَا ثَبَتَ الْآخَرُ. وَيَقُولُونَ: إنَّ هَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ قَالَ الْنُّفَاةِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ