للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضَرُورِيَّةٌ؛ بِدَلِيلِ أَنَّا نَعْقِلُ الْإِنْسَانِيَّةَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ الْأَنَاسِيِّ وَغَيْرِهَا مِنْ الْكُلِّيَّاتِ الْمَعْقُولَةِ وَغَيْرِهَا وَلَيْسَتْ دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَأَيْضًا فَإِنَّ أَرِسْطُو وَأَتْبَاعَهُ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ. وَطَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَثْبَتُوا أَنَّ النَّفْسَ النَّاطِقَةَ كَذَلِكَ وَالْعُقُولَ وَالنُّفُوسَ وَلَمْ يَكُونُوا قَائِلِينَ بِمَا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِالضَّرُورَةِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَقْلَ الصَّرِيحَ يَعْلَمُ تَقْسِيمَ الشَّيْءِ إلَى مُبَايِنٍ ومحايث وَمَا لَيْسَ بِمُبَايِنِ وَلَا محايث وَتَقْسِيمَهُ إلَى دَاخِلٍ وَخَارِجٍ وَمَا لَيْسَ بِدَاخِلِ وَلَا خَارِجٍ وَتَقْسِيمِهِ إلَى مُتَحَيِّزٍ وَقَائِمٍ بِالْمُتَحَيِّزِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَحَيِّزِ وَلَا قَائِمٍ بِمُتَحَيِّزِ. وَلَا يُعْلَمُ فَسَادُ هَذَا التَّقْسِيمِ بِالِاضْطِرَارِ كَمَا يُعْلَمُ أَنَّ الْوَاحِدَ نِصْفُ الِاثْنَيْنِ. وَأَيْضًا فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ لُزُومِ الْمُبَايَنَةِ والمحايثة وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ إنَّمَا يُعْقَلُ فِيمَا هُوَ جِسْمٌ مُتَحَيِّزٌ فَإِذَا قَدَّرْنَا مُتَحَيِّزَيْنِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا إمَّا دَاخِلًا فِي الْآخَرِ أَوْ خَارِجًا مِنْهُ فَأَمَّا إذَا قَدَّرْنَا مَوْجُودًا لَيْسَ بِجِسْمِ وَلَا مُتَحَيِّزٍ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَكُونَ مُبَايِنًا لِغَيْرِهِ وَلَا محايثا لَهُ وَلَا دَاخِلًا فِيهِ وَلَا خَارِجًا عَنْهُ بَلْ يُنْفَى عَنْ الْقِسْمَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا التَّقْسِيمُ وَالْحَصْرُ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْبَارِي جِسْمًا مُتَحَيِّزًا فِي جِهَةٍ وَذَلِكَ بَاطِلٌ. وَلَا نُرِيدُ بِالتَّحَيُّزِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَحَاطَ بِهِ " حَيِّزٌ " وُجُودِيٌّ كَمَا أَجَابَ عَنْهُ النَّاظِمُ وَلَا بِالْجِهَةِ أَنْ يَكُونَ فِي " أَيْنَ " مَوْجُودٌ كَمَا أَجَابَ النَّاظِمُ أَيْضًا بَلْ نُرِيدُ بِالتَّحَيُّزِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُشَارُ إلَيْهِ بِالْحِسِّ أَنَّهُ هَاهُنَا أَوْ هُنَاكَ