وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ هَذَا الَّذِي فَرَّ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ الْقَدِيمَ الْوَاجِبَ مَوْجُودًا - وَمَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ لِئَلَّا يَلْزَمَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ وَجَعَلَ نَفْيَ هَذَا اللَّازِمِ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِ مَا جَعَلَهُ مَلْزُومًا لَهُ - لَزِمَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ مَا فَرَّ مِنْهُ مِنْ جَعْلِهِ الْمَوْجُودَ الْوَاجِبَ جِسْمًا يُشْبِهُ غَيْرَهُ مَعَ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَاتِ النَّقْصِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا وَمَعَ أَنَّهُ جَحَدَ الْخَالِقَ جَلَّ جَلَالُهُ؛ فَلَزِمَهُ مَعَ الْكُفْرِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْ كُفْرِ عَامَّةِ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِالصَّانِعِ مَعَ عِبَادَتِهِمْ لِمَا سِوَاهُ وَلَزِمَهُ مَعَ هَذَا أَنَّهُ مِنْ أَجْهَلِ بَنِي آدَمَ وَأَفْسَدِهِمْ عَقْلًا وَنَظَرًا وَأَشَدِّهِمْ تَنَاقُضًا. وَهَكَذَا يَفْعَلُ اللَّهُ بالذين يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ - مَعَ دَعْوَى النَّظَرِ وَالْمَعْقُولِ وَالْبُرْهَانِ وَالْقِيَاسِ كَفِرْعَوْنَ وَأَتْبَاعِهِ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} {إلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إلَّا فِي ضَلَالٍ} {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ} {وَقَالَ مُوسَى إنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ} {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} {يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute