للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ الْتَزَمَ تَعْطِيلَهُ وَجَحْدَهُ مُوَافَقَةً لِفِرْعَوْنَ؛ كَانَ تَنَاقُضُهُ أَعْظَمَ؛ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ: فَهَذَا الْعَالَمُ الْمَوْجُودُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ صَانِعٌ كَانَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا وَاجِبًا بِنَفْسِهِ - وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ فِيهِ حَوَادِثَ كَثِيرَةً كَمَا تَقَدَّمَ - وَحِينَئِذٍ فَفِي الْوُجُودِ قَدِيمٌ وَمُحْدَثٌ وَوَاجِبٌ وَمُمْكِنٌ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُك أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَوْجُودَانِ: أَحَدُهُمَا قَدِيمٌ وَاجِبٌ. وَالْآخَرُ مُحْدَثٌ مُمْكِنٌ؛ فَيَلْزَمُك مَا فَرَرْت مِنْهُ مِنْ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ بَلْ هَذَا يَلْزَمُك بِصَرِيحِ قَوْلِك فَإِنَّ الْعَالَمَ الْمَشْهُودَ جِسْمٌ تَقُومُ بِهِ الْحَرَكَاتُ فَإِنَّ الْفُلْكَ جِسْمٌ وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْكَوَاكِبُ أَجْسَامٌ تَقُومُ بِهَا الْحَرَكَاتُ وَالصِّفَاتُ؛ فَجَحَدْت رَبَّ الْعَالَمِينَ لِئَلَّا تَجْعَلَ الْقَدِيمَ الْوَاجِبَ جِسْمًا تَقُومُ بِهِ الصِّفَاتُ وَالْحَرَكَاتُ ثُمَّ فِي آخِرِ أَمْرِك جَعَلْت الْقَدِيمَ الْأَزَلِيَّ الْوَاجِبَ الْوُجُودَ بِنَفْسِهِ أَجْسَامًا مُتَعَدِّدَةً تُشْبِهُ غَيْرَهَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ تَقُومُ بِهَا الصِّفَاتُ وَالْحَرَكَاتُ مَعَ مَا فِيهَا مِنْ الِافْتِقَارِ وَالْحَاجَةِ. فَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْكَوَاكِبَ مُحْتَاجَةٌ إلَى مَحَالِّهَا الَّتِي هِيَ فِيهَا وَمَوَاضِعِهَا الَّتِي تَحْمِلُهَا وَتَدُورُ بِهَا وَالْأَفْلَاكُ كُلٌّ مِنْهَا مُحْتَاجٌ إلَى مَا سِوَاهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ نَقْصِهَا وَحَاجَتِهَا.