وَلَا مِنْ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ الْعَقْلِيَّيْنِ؛ كَانَ الْكَلَامُ مَعَ هَذَا فِي التَّلَازُمِ. فَإِذَا قَالَ الثَّانِي: بَلْ كُلُّ مَا كَانَ فَوْقَ غَيْرِهِ وَكُلُّ مَا كَانَ يُشَارُ إلَيْهِ بِالْأَيْدِي؛ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُرَكَّبًا إمَّا مِنْ هَذَا؛ وَإِمَّا مِنْ هَذَا: كَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْآخَرِ: كُلُّ مَا كَانَ حَيًّا قَادِرًا عَالِمًا؛ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُرَكَّبًا هَذَا التَّرْكِيبَ أَوْ كُلُّ مَا كَانَ لَهُ حَيَاةٌ وَعِلْمٌ وَقُدْرَةٌ؛ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُرَكَّبًا هَذَا التَّرْكِيبَ أَوْ كُلُّ مَا كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا فَلَا يَكُونُ إلَّا مُرَكَّبًا هَذَا التَّرْكِيبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ هُوَ جِسْمٌ وَكُلَّ جِسْمٍ فَهُوَ مُرَكَّبٌ هَذَا التَّرْكِيبَ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَالْعُقَلَاءِ بِاتِّفَاقِهِمْ؛ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ طَائِفَةً مِنْ الْعُقَلَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ جِسْمٌ؛ وَهُوَ مُرَكَّبٌ هَذَا التَّرْكِيبَ بَلْ الَّذِي أَعْرِفُ أَنَّهُمْ قَالُوا: هُوَ جِسْمٌ كالهشامية والكَرَّامِيَة لَا يُفَسِّرُونَ كُلُّهُمْ الْجِسْمَ بِمَا هُوَ مُرَكَّبٌ هَذَا التَّرْكِيبَ بَلْ إنَّمَا نُقِلَ هَذَا عَنْ بَعْضِهِمْ وَقَدْ يُنْقَلُ عَنْ بَعْضِهِمْ مَقَالَاتٌ يُنْكِرُهَا بَعْضُهُمْ: كَمَا نُقِلَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ مَقَالَاتٌ رَدِيَّةٌ. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ رَدَّ هَذَا النَّقْلَ عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ فَرَدَّهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ. وَأَمَّا النَّقْلُ عَنْ هِشَامٍ فَرَدَّهُ كَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِهِ. وَمَنْ قَدَّرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ مِنْ النَّاسِ؛ فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ كَسَائِرِ مَنْ قَالَ عَلَى اللَّهِ الْبَاطِلِ؛ كَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْيَهُودِ وَالرَّافِضَةِ وَالْمُجَسِّمَةِ وَإِنَّهُمْ يَصِفُونَهُ بِالنَّقَائِصِ الَّتِي تَعَالَى اللَّهُ عَنْهَا؛ كَوَصْفِهِ أَنَّهُ أَجْوَفُ وَأَنَّهُ بَكَى حَتَّى رَمَدَ وَعَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَعَضَّ أَصَابِعَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَأَنَّهُ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ أَوْرَقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute