فَهَذَانِ قَوْلَانِ مُبْتَدَعَانِ لَمْ يَقُلْ وَاحِدًا مِنْهَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ. وَإِذَا كَانَ الْمُنَادِي هُوَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَقَدْ نَادَاهُ مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ وَقَرَّبَهُ إلَيْهِ؛ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ السَّلَفُ مِنْ قُرْبِهِ وَدُنُوِّهِ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ أَنَّ هَذَا قُرْبٌ مِمَّا دُونَ السَّمَاءِ. وَقَدْ جَاءَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الإسرائيليات قُرْبُهُ مِنْ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ وَلَفْظُهُ - الَّذِي سَاقَهُ البغوي - أَنَّهُ أَظَلَّهُ غَمَامٌ ثُمَّ نُودِيَ: يَا أَيُّوبُ؟ أَنَا اللَّهُ يَقُولُ: أَنَا قَدْ دَنَوْت مِنْك أَنْزِلُ مِنْك قَرِيبًا لَكِنَّ الْإِسْرائِيلِيّات إنَّمَا تُذْكَرُ عَلَى وَجْهِ الْمُتَابَعَةِ لَا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَفِي سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُرْبِهِ مِنْ الدَّاعِي وَقُرْبِهِ مِنْ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعَانِ} . وَثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَكَانُوا يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ؛ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا إنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ أَقْرَبُ إلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ} . " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ بَاعًا وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْته هَرْوَلَةً} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute