للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْفُسُنَا مِنَّا؛ وَهُوَ بِذَلِكَ أَقْرَبُ إلَيْنَا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُوَسْوِسُ بِهِ أَنْفُسُنَا مِنَّا فَكَيْفَ بِحَبْلِ الْوَرِيدِ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الطلمنكي قَالَ: وَمَنْ سَأَلَ عَنْ قَوْلِهِ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} فَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى مَعْنَى الْعِلْمِ بِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ مِنْ ذَلِكَ صَدْرُ الْآيَةِ؛ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} لِأَنَّ اللَّهَ لَمَّا كَانَ عَالِمًا بِوَسْوَسَتِهِ؛ كَانَ أَقْرَبَ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ وَحَبْلُ الْوَرِيدِ لَا يَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ النَّفْسُ. وَيَلْزَمُ الْمُلْحِدَ عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْبُودُهُ مُخَالِطًا لِدَمِ الْإِنْسَانِ وَلَحْمِهِ وَأَنْ لَا يُجَرَّدَ الْإِنْسَانُ تَسْمِيَةَ الْمَخْلُوقِ حَتَّى يَقُولَ: خَالِقٌ وَمَخْلُوقٌ لِأَنَّ مَعْبُودَهُ بِزَعْمِهِ دَاخِلُ حَبْلِ الْوَرِيدِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَخَارِجَهُ فَهُوَ عَلَى قَوْلِهِ مُمْتَزِجٌ بِهِ غَيْرُ مُبَايِنٍ لَهُ. قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ وَتَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِ أَهْلِ الزَّيْغِ وَعَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ فِيمَنْ يَحْضُرُهُ الْمَوْتُ {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} أَيْ بِالْعِلْمِ بِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ إذْ لَا يَقْدِرُونَ لَهُ عَلَى حِيلَةٍ