وَلَا يَدْفَعُونَ عَنْهُ الْمَوْتَ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} . قُلْت: وَهَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ مِثْلَ الثَّعْلَبِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي قَوْلِهِ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ} فَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الْقَوْلَيْنِ: إنَّهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنَّهُ الْقُرْبُ بِالْعِلْمِ. وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ مَقْصُودُهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا قَرِيبَةٌ مِنْ وَرِيدِ الْعَبْدِ وَمِنْ الْمَيِّتِ وَلَمَّا ظَنُّوا أَنَّ الْمُرَادَ قُرْبُهُ وَحْدَهُ دُونَ قُرْبِ الْمَلَائِكَةِ فَسَّرُوا ذَلِكَ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ كَمَا فِي لَفْظِ الْمَعِيَّةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْكُمْ} أَيْ بِمَلَائِكَتِنَا فِي الْآيَتَيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ لَفْظ الْمَعِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ: وَنَحْنُ مَعَهُ بَلْ جَعَلَ نَفْسَهُ هُوَ الَّذِي مَعَ الْعِبَادِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُنَبِّئُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا عَمِلُوا وَهُوَ نَفْسُهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَهُوَ نَفْسُهُ الَّذِي اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَلَا يُجْعَلُ لَفْظٌ مِثْلَ لَفْظٍ مَعَ تَفْرِيقِ الْقُرْآنِ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَامِدٍ مُوَافِقًا لِأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ فِي بَعْضِ مَا قَالَ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْبَعْضِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ نفاة عُلُوِّ اللَّهِ نَفْسِهِ عَلَى الْعَرْشِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ عِنْدَهُ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ مُسْتَوْلٍ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ. قَالَ: وَإِنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى الْعَرْشِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute