كَأَحْمَدَ وَأَمْثَالِهِ وَالْبُخَارِيِّ وَأَمْثَالِهِ ودَاوُد وَأَمْثَالِهِ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَمْثَالِهِ وَابْنِ خُزَيْمَة وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الدارمي وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرِهِمْ؛ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ؛ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ؛ وَأَوَّلُ مَنْ شُهِرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ هُوَ ابْنُ كُلَّابٍ. وَكَانَ " الْإِمَامُ أَحْمَد " يُحَذِّرُ مِنْ الْكُلَّابِيَة وَأَمَرَ بِهَجْرِ الْحَارِثِ الْمُحَاسَبِيِّ لِكَوْنِهِ كَانَ مِنْهُمْ. وَقَدْ قِيلَ عَنْ الْحَارِثِ أَنَّهُ رَجَعَ فِي الْقُرْآنِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ كُلَّابٍ وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ يَتَكَلَّمُ بِصَوْتِ. وَمِمَّنْ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ الكلاباذي فِي كِتَابِ " التَّعَرُّفُ لِمَذْهَبِ التَّصَوُّفِ ". وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: لَوْ كَانَ خَلْقُهُ لِلْأَشْيَاءِ لَيْسَ هُوَ الْأَشْيَاءَ لَافْتَقَرَ الْخَلْقُ إلَى خَلْقٍ آخَرَ فَيَكُونُ الْخَلْقُ مَخْلُوقًا: مَمْنُوعٌ. بَلْ الْخَلْقُ يَحْصُلُ بِقُدْرَةِ الرَّبِّ وَمَشِيئَتِهِ وَالْمَخْلُوقُ يَحْصُلُ بِالْخَلْقِ. وَأَمَّا الْمُقَدِّمَةُ الْخَامِسَةُ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى التَّسَلْسُلِ؛ فَهَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ تُقَالُ عَلَى وَجْهَيْنِ: (أَحَدُهُمَا أَنَّ الْخَلْقَ يَفْتَقِرُ إلَى خَلْقٍ آخَرَ وَذَلِكَ الْخَلْقُ إلَى خَلْقٍ آخَرَ كَمَا تَقَدَّمَ. وَالثَّانِي أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى خَلْقٍ لَكِنْ يَفْتَقِرُ إلَى سَبَبٍ يَحْصُلُ بِهِ الْخَلْقُ. وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ذَلِكَ خَلْقًا وَذَلِكَ السَّبَبُ إنَّمَا تَمَّ عِنْدَ وُجُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute