للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَوَابُ الثَّالِثُ: جَوَابُ مَعْمَرٍ وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يُسَمَّوْنَ " أَهْلَ الْمَعَانِي " فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالتَّسَلْسُلِ فِي آنٍ وَاحِدٍ فَيَقُولُونَ: إنَّ الْخَلْقَ لَهُ خَلْقٌ وَلِلْخَلْقِ خَلْقٌ وَلِلْخَلْقِ خَلْقٌ آخَرُ وَهَلُمَّ جَرًّا لَا إلَى نِهَايَةٍ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ كُلُّهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَهَذَا مَشْهُورٌ عَنْهُمْ. و (الْجَوَابُ الرَّابِعُ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: الْخَلْقُ الْحَادِثُ يَفْتَقِرُ إلَى سَبَبٍ حَادِثٍ وَكَذَلِكَ ذَلِكَ السَّبَبُ وَهَلُمَّ جَرًّا. وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ دَوَامَ نَوْعِ ذَلِكَ وَهَذَا غَيْرُ مُمْتَنِعٍ؛ فَإِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ وَكَلِمَاتُهُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَكُلُّ كَلَامٍ مَسْبُوقٍ بِكَلَامِ قَبْلَهُ لَا إلَى نِهَايَةٍ مَحْدُودَةٍ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَتَكَلَّمُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ. وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: الْحَيُّ لَا يَكُونُ إلَّا فَعَّالًا كَمَا قَالَهُ الْبُخَارِيُّ وَذَكَرَهُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ. وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ وَابْنِ خُزَيْمَة وَغَيْرِهِمْ وَلَا يَكُونُ إلَّا مُتَحَرِّكًا كَمَا قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدارمي وَغَيْرُهُ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَذْكُرُ أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَهَكَذَا يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ أَسَاطِينِ الْفَلَاسِفَةِ مَنْ ذُكِرَ قَوْلُهُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ. قَالُوا وَهَذَا تَسَلْسُلٌ فِي الْآثَارِ وَالْبُرْهَانُ إنَّمَا دَلَّ عَلَى امْتِنَاعِ التَّسَلْسُلِ فِي الْمُؤَثِّرِينَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ بِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ وَهُوَ مِمَّا اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى امْتِنَاعِهِ كَمَا بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.