للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمِثْلَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {عَبْدِي مَرِضْت فَلَمْ تَعُدْنِي فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ كَيْفَ أَعُودُك وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَوْ عُدْته لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ} . فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ عِنْدَ عَبْدِهِ؛ وَجَعَلَ مَرَضَهُ مَرَضَهُ وَالْإِنْسَانُ قَدْ تَكُونُ عِنْدَهُ مَحَبَّةٌ وَتَعْظِيمٌ لِأَمِيرِ أَوْ عَالِمٍ أَوْ مَكَانٍ: بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى قَلْبِهِ وَيُكْثِرُ مِنْ ذِكْرِهِ وَمُوَافَقَتِهِ فِي أَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ فَيُقَالُ: إنَّ أَحَدَهُمَا الْآخَرَ كَمَا يُقَالُ: أَبُو يُوسُفَ أَبُو حَنِيفَةَ. وَيُشْبِهُ هَذَا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ: ظُهُورُ الْأَجْسَامِ الْمُسْتَنِيرَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْأَجْسَامِ الشَّفَّافَةِ كَالْمِرْآةِ الْمَصْقُولَةِ وَالْمَاءِ الصَّافِي وَنَحْوِ ذَلِكَ. بِحَيْثُ يَنْظُرُ الْإِنْسَانُ فِي الْمَاءِ الصَّافِي السَّمَاءَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْكَوَاكِبَ. كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ:

إذَا وَقَعَ السَّمَاءُ عَلَى صَفَاءٍ … كَدِرٍ أَنَّى يُحَرِّكُهُ النَّسِيمُ

تَرَى فِيهِ السَّمَاءَ بِلَا امْتِرَاءٍ … كَذَاكَ الْبَدْرُ يَبْدُو وَالنُّجُومُ

وَكَذَاكَ قُلُوبُ أَرْبَابِ التَّجَلِّي … يُرَى فِي صَفْوِهَا اللَّهُ الْعَظِيمُ

وَكَذَلِكَ نَرَى فِي الْمِرْآةِ صُورَةَ مَا يُقَابِلُهَا مِنْ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْوُجُوهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.