للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمُوجِبُ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ لَا يُتَلَقَّى مِنْ مُجَرَّدِ التَّعْبِيرِ وَمُوجِبُ الْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ يُتَلَقَّى مِنْ عُرْفِ الْمُتَكَلِّمِ بِالْخِطَابِ لَا مِنْ الْوَضْعِ الْمُحْدَثِ؛ فَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْأَلْفَاظَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ مَوْضُوعَةٌ لِمَعَانٍ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَسِّرَ مُرَادَ اللَّهِ بِتِلْكَ الْمَعَانِي؛ هَذَا مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْإِلْحَادِ الْمُفْتَرِينَ. فَإِنَّ هَؤُلَاءِ عَمَدُوا إلَى مَعَانٍ ظَنُّوهَا ثَابِتَةً؛ فَجَعَلُوهَا هِيَ مَعْنَى الْوَاحِدِ وَالْوَاجِبِ وَالْغَنِيِّ وَالْقَدِيمِ وَنَفْيِ الْمِثْلِ؛ ثُمَّ عَمَدُوا إلَى مَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مِنْ تَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ أَحَدٌ وَوَاحِدٌ عَلِيٌّ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ نَفْيِ الْمِثْلِ وَالْكُفُؤِ عَنْهُ. فَقَالُوا: هَذَا يَدُلُّ عَلَى الْمَعَانِي الَّتِي سَمَّيْنَاهَا بِهَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ. وَكَذَلِكَ " الْمُتَفَلْسِفَةُ " عَمَدُوا إلَى لَفْظِ الْخَالِقِ وَالْفَاعِلِ وَالصَّانِعِ وَالْمُحْدِثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَوَضَعُوهَا لِمَعْنَى ابْتَدَعُوهُ وَقَسَّمُوا الْحُدُوثَ إلَى نَوْعَيْنِ: ذَاتِيٍّ وَزَمَانِيٍّ وَأَرَادُوا بِالذَّاتِيِّ كَوْنَ الْمَرْبُوبِ مُقَارِنًا لِلرَّبِّ أَزَلًا وَأَبَدًا؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لَا يُعْرَفُ فِي لُغَةِ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَمِ؛ وَلَوْ جَعَلُوا هَذَا اصْطِلَاحًا لَهُمْ لَمْ تُنَازِعْهُمْ فِيهِ؛ لَكِنْ قَصَدُوا بِذَلِكَ التَّلْبِيسَ عَلَى النَّاسِ وَأَنْ يَقُولُوا نَحْنُ نَقُولُ بِحُدُوثِ الْعَالَمِ وَأَنَّ اللَّهَ خَالِقٌ لَهُ وَفَاعِلٌ لَهُ وَصَانِعٌ لَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي الَّتِي يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهَا تَقْتَضِي تَأَخُّرَ الْمَفْعُولِ لَا يُطْلَقُ عَلَى مَا كَانَ قَدِيمًا بِقِدَمِ الرَّبِّ مُقَارِنًا لَهُ أَزَلًا وَأَبَدًا. وَكَذَلِكَ فِعْلُ مَنْ فَعَلَ بِلَفْظِ " الْمُتَكَلِّمِ " وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَلَوْ فُعِلَ