وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي فَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. فَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي فَذَكَرَ الْحَمْدَ وَالثَّنَاءَ وَالْمَجْدَ. بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إلَى آخِرِهَا هَذَا فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ فِي آخِرِ الْقِيَامِ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَقُولُ: رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاءِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ. إلَى قَوْلِهِ: أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا لَك عَبْدٌ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ} . وَقَوْلُهُ: أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ. خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ هَذَا الْكَلَامُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ. فَتَبَيَّنَ أَنَّ حَمْدَ اللَّهِ وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ وَفِي ضِمْنِهِ تَوْحِيدُهُ لَهُ إذَا قَالَ: وَلَك الْحَمْدُ أَيْ لَك لَا لِغَيْرِك وَقَالَ فِي آخِرِهِ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت وَهَذَا يَقْتَضِي انْفِرَادَهُ بِالْعَطَاءِ وَالْمَنْعِ فَلَا يُسْتَعَانُ إلَّا بِهِ وَلَا يُطْلَبُ إلَّا مِنْهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْك الْجَدُّ فَبَيَّنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ وَإِنْ أُعْطِيَ الْمُلْكَ وَالْغِنَى وَالرِّئَاسَةَ فَهَذَا لَا يُنْجِيهِ مِنْك؛ إنَّمَا يُنْجِيهِ الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى وَهَذَا تَحْقِيقُ قَوْلِهِ: {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فَكَانَ هَذَا الذِّكْرُ فِي آخِرِ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلَ الْقِيَامِ وَقَوْلُهُ أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حَمْدُ اللَّهِ أَحَقَّ الْأَقْوَالِ بِأَنْ يَقُولَهُ الْعَبْدُ؛ وَمَا كَانَ أَحَقَّ الْأَقْوَالِ كَانَ أَفْضَلَهَا وَأَوْجَبَهَا عَلَى الْإِنْسَانِ. وَلِهَذَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ يَفْتَتِحُوهَا بِقَوْلِهِمْ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَأَمَرَهُمْ أَيْضًا أَنْ يَفْتَتِحُوا كُلَّ خُطْبَةٍ " بالحمد لِلَّهِ " فَأَمَرَهُمْ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute