رُوحُ الْعَبْدِ مُحْدَثَةٌ وَكَلَامُهُ قَدِيمٌ وَصِفَاتُهُ الْقَائِمَةُ بِهِ مِنْ إيمَانِهِ قَدِيمَةٌ وَإِخْوَانُهُمْ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ أَفْعَالَهُ قَدِيمَةٌ وَهَذَا أَعْظَمُ مِمَّا يُوصَفُ بِهِ الرَّبُّ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَدِيمٌ أَزَلِيٌّ: وَأَمَّا أَفْعَالُهُ فَحَادِثَةٌ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ وَكَذَلِكَ كَلَامُهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بِقِدَمِ رُوحِ الْعَبْدِ وَبِقِدَمِ النُّورِ - نُورِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنُورِ السِّرَاجِ؛ وَكُلِّ نُورٍ - فَهَؤُلَاءِ قَوْلُهُمْ: بِقِدَمِ أَرْوَاحِ الْعِبَادِ وَالْأَنْوَارِ: ضَاهَوْا فِيهِ قَوْلَ الْمَجُوسِ " وَالْفَلَاسِفَةِ الصَّابِئِينَ " الَّذِينَ يُشْبِهُونَ الْمَجُوسَ؛ فَإِنَّ مِنْ الصَّابِئِينَ مَنْ يُشْبِهُ الْمَجُوسَ كَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا عَنْ الصَّابِئِينَ: إنَّهُمْ مِثْلُ الْمَجُوسِ. وَهَؤُلَاءِ صِنْفٌ مِنْ الصَّابِئِينَ الْمُشْرِكِينَ لَيْسُوا فِي الصَّابِئِينَ الْمَمْدُوحِينَ فِي الْقُرْآنِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ بِقِدَمِ أَرْوَاحِ الْعِبَادِ وَ " نُفُوسِهِمْ " الَّتِي تُفَارِقُ أَبْدَانَهُمْ. مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الَّذِينَ قَالُوا بِقِدَمِ النَّفْسِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ هَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَهَا مِنْ اللَّهِ؛ إذْ كَانَ لَا قَدِيمَ عِنْدَهُمْ إلَّا اللَّهُ وَصِفَاتُهُ وَقَوْلُهُمْ بِقِدَمِ النُّورِ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْمَجُوسِ. لَكِنَّ النُّورَ أَيْضًا عِنْدَهُمْ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ بِقِدَمِ رُوحِ الْعَبْدِ؛ أَوْ أَقْوَالِهِ؛ أَوْ أَفْعَالِهِ؛ أَوْ أَصْوَاتِهِ؛ أَوْ قِدَمِ نُورِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. كُلُّهَا فُرُوعٌ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ فَإِنَّ " السَّلَفَ " قَالُوا: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَظَنَّ طَائِفَةٌ أَنَّ مَقْصُودَهُمْ أَنَّهُ قَدِيمٌ لَمْ يَزَلْ وَالْقُرْآنُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ فَيَكُونُ قَدِيمًا؛ وَهَذَا الْمَسْمُوعُ هُوَ الْقُرْآنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute