للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَتَنَاوَلُ الْقُوَّةَ الْعِلْمِيَّةَ وَالْقُوَّةَ الْعَمَلِيَّةَ جَمِيعًا كَالْمَمْرُورِ الَّذِي يَجِدُ الْعَسَلَ مُرًّا: فَإِنَّهُ فَسَدَ نَفْسُ إحْسَاسِهِ حَتَّى كَانَ يُحِسُّ بِهِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ لِلْمَرَّةِ الَّتِي مَازَجَتْهُ وَكَذَلِكَ مَنْ فَسَدَ بَاطِنُهُ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ} {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} . وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} . وَقَالَ: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} . وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} . وَ " الْغُلْفُ ": جَمْعُ أَغْلَفَ وَهُوَ ذُو الْغِلَافِ الَّذِي فِي غِلَافٍ مِثْلِ الْأَقْلَفِ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْمَانِعَ خِلْقَةً أَيْ خُلِقَتْ الْقُلُوبُ وَعَلَيْهَا أَغْطِيَةٌ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ} و {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إلَّا قَلِيلًا} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} . وَكَذَلِكَ قَالُوا: {يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ} قَالَ: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} أَيْ لَأَفْهَمَهُمْ مَا سَمِعُوهُ. ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ أَفْهَمَهُمْ مَعَ هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي هُمْ عَلَيْهَا {لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} فَقَدْ فَسَدَتْ فِطْرَتُهُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا وَلَوْ فَهِمُوا لَمْ يَعْمَلُوا. فَنَفَى عَنْهُمْ صِحَّةَ الْقُوَّةِ الْعِلْمِيَّةِ وَصِحَّةَ الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ وَقَالَ: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ