قُلْت: إنَّهُ يُوجِبُ التَّرَادُفَ؟ وَلَوْ قُلْت: مَا أَنْتَ بِمُسْلِمِ لَنَا مَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا صَحَّ الْمَعْنَى لَكِنْ لِمَ قُلْت: إنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِلَفْظِ مُؤْمِنٍ؟ وَإِذَا قَالَ اللَّهُ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} . وَلَوْ قَالَ الْقَائِلُ: أَتِمُّوا الصَّلَاةَ وَلَازِمُوا الصَّلَاةَ الْتَزِمُوا الصَّلَاةَ افْعَلُوا الصَّلَاةَ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا. لَكِنْ لَا يَدُلُّ هَذَا عَلَى مَعْنَى: أَقِيمُوا. فَكَوْنُ اللَّفْظِ يُرَادِفُ اللَّفْظَ؛ يُرَادُ دَلَالَتُهُ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ يُقَالُ: لَيْسَ هُوَ مُرَادِفًا لَهُ وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ: (أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ لِلْمُخْبِرِ إذَا صَدَّقْته: صَدَّقَهُ وَلَا يُقَالُ: آمَنَهُ وَآمَنَ بِهِ. بَلْ يُقَالُ: آمَنَ لَهُ كَمَا قَالَ: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ} وَقَالَ: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} وَقَالَ فِرْعَوْنُ: {آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} وَقَالُوا لِنُوحِ: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} . فَقَالُوا: {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} وَقَالَ: {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} . فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ يُقَالُ: مَا أَنْتَ بِمُصَدِّقِ لَنَا. قِيلَ: اللَّامُ تَدْخُلُ عَلَى مَا يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ إذَا ضَعُفَ عَمَلُهُ إمَّا بِتَأْخِيرِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ اسْمَ فَاعِلٍ أَوْ مَصْدَرًا أَوْ بِاجْتِمَاعِهِمَا فَيُقَالُ: فُلَانٌ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيَخَافُهُ وَيَتَّقِيهِ ثُمَّ إذَا ذَكَرَ بِاسْمِ الْفَاعِلِ قِيلَ: هُوَ عَابِدٌ لِرَبِّهِ مُتَّقٍ لِرَبِّهِ خَائِفٌ لِرَبِّهِ وَكَذَلِكَ تَقُولُ: فُلَانٌ يَرْهَبُ اللَّهَ ثُمَّ تَقُولُ: هُوَ رَاهِبٌ لِرَبِّهِ وَإِذَا ذَكَرْت الْفِعْلَ وَأَخَّرْته تُقَوِّيهِ بِاللَّامِ كَقَوْلِهِ: {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} وَقَدْ قَالَ: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} فَعَدَّاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute