للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الظَّاهِرَةَ الَّتِي وَصَفَهَا أَنْ تَكُونَ عَلَانِيَةً لَا أَنَّ ذَلِكَ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ فِي الْمَعْنَى بِاخْتِلَافِ وَتَضَادٍّ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الْحُكْمِ قَالَ: وَيَجْتَمِعَانِ فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ مُسْلِمٍ مُؤْمِنٍ فَيَكُونُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عُقُودِ الْقَلْبِ وَصْفَ قَلْبِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ وَصْفَ جِسْمِهِ. قَالَ: و " أَيْضًا " فَإِنَّ الْأُمَّةَ مُجْتَمِعَةٌ أَنَّ الْعَبْدَ لَوْ آمَنَ بِجَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عُقُودِ الْقَلْبِ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ مَنْ وَصَفَ الْإِيمَانَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ وَصْفِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا وَأَنَّهُ إنْ عَمِلَ بِجَمِيعِ مَا وَصَفَ بِهِ الْإِسْلَامُ ثُمَّ لَمْ يَعْتَقِدْ مَا وَصَفَهُ مِنْ الْإِيمَانِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ. قُلْت: كَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ أَوْ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُؤْمِنًا فِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا إذَا أُنْكِرَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَرْكَانِ أَوْ عَلِمَ أَنَّ الرَّسُولَ أَخْبَرَ بِهَا وَلَمْ يُصَدِّقْهُ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَرَ خِلَافَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ خِلَافًا؛ وَإِلَّا فَأَبُو طَالِبٍ كَانَ عَارِفًا بِأَقْوَالِهِمْ وَهَذَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - مُرَادُهُ فَإِنَّهُ عَقَدَ " الْفَصْلَ الثَّالِثَ وَالثَّلَاثِينَ " فِي بَيَانِ تَفْصِيلِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَشَرْحِ عُقُودِ مُعَامَلَةِ الْقَلْبِ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَجْوَدُ مِمَّا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ لَكِنْ يُنَازَعُ فِي شَيْئَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمُسْلِمَ الْمُسْتَحِقَّ لِلثَّوَابِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ الْإِيمَانُ الْوَاجِبُ الْمُفَصَّلُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ.