وَأَطْنَابٌ وَلَهُ عَمُودٌ فِي بَاطِنِهِ فَالْفُسْطَاطُ مِثْلُ الْإِسْلَامِ لَهُ أَرْكَانٌ مِنْ أَعْمَالِ الْعَلَانِيَةِ وَالْجَوَارِحِ وَهِيَ الْأَطْنَابُ الَّتِي تُمْسِكُ أَرْجَاءَ الْفُسْطَاطِ، وَالْعَمُودُ الَّذِي فِي وَسَطِ الْفُسْطَاطِ مَثَلُهُ كَالْإِيمَانِ لَا قِوَامَ لِلْفُسْطَاطِ إلَّا بِهِ فَقَدْ احْتَاجَ الْفُسْطَاطُ إلَيْهَا إذْ لَا قِوَامَ لَهُ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِهِمَا كَذَلِكَ الْإِسْلَامُ فِي أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ لَا قِوَامَ لَهُ إلَّا بِالْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ لَا نَفْعَ لَهُ إلَّا بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ صَالِحُ الْأَعْمَالِ. وَ " أَيْضًا " فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ ضِدَّ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَاحِدًا فَلَوْلَا أَنَّهُمَا كَشَيْءِ وَاحِدٍ فِي الْحُكْمِ وَالْمَعْنَى مَا كَانَ ضِدُّهُمَا وَاحِدًا فَقَالَ: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إيمَانِهِمْ} وَقَالَ: {أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} . فَجَعَلَ ضِدَّهُمَا الْكُفْرَ. قَالَ: وَعَلَى مِثْلِ هَذَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ؛ فَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: {بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ} وَقَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ إنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ الْإِيمَانِ فَذَكَرَ هَذِهِ الْأَوْصَافَ فَدَلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا إيمَانَ بَاطِنٌ إلَّا بِإِسْلَامِ ظَاهِرٍ وَلَا إسْلَامَ ظَاهِرٌ عَلَانِيَةً إلَّا بِإِيمَانِ سِرٍّ وَأَنَّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ قَرِينَانِ لَا يَنْفَعُ أَحَدُهُمَا بِدُونِ صَاحِبِهِ. قَالَ: فَأَمَّا تَفْرِقَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ بَيْنَ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَإِنَّ ذَلِكَ تَفْصِيلُ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ وَعُقُودُهَا عَلَى مَا تُوجِبُ هَذِهِ الْمَعَانِي الَّتِي وَصَفْنَاهَا أَنْ تَكُونَ عُقُودًا مِنْ تَفْصِيلِ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ مِمَّا يُوجِبُ الْأَفْعَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute