للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَنْ أَصْحَابِ الذُّنُوبِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي خِطَابِ الْوَعِيدِ وَالذَّمِّ لَا فِي خِطَابِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَلَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا. وَاسْمُ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ وَالْإِحْسَانِ هِيَ أَسْمَاءٌ مَمْدُوحَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا لِحُسْنِ الْعَاقِبَةِ لِأَهْلِهَا فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْعَاقِبَةَ الْحَسَنَةَ لِمَنْ اتَّصَفَ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَهُ؛ وَلِهَذَا كَانَ مَنْ نَفَى عَنْهُمْ الْإِيمَانَ؛ أَوْ الْإِيمَانَ وَالْإِسْلَامَ جَمِيعًا وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ كُفَّارًا إنَّمَا نَفَى ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ وَهُوَ الثَّوَابُ لَمْ يَنْفِهِ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا. لَكِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ ظَنَّتْ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الِاسْمُ انْتَفَتْ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فَلَمْ يَجْعَلُوا مَعَهُمْ شَيْئًا مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ فَجَعَلُوهُمْ مُخَلَّدِينَ فِي النَّارِ وَهَذَا خِلَافُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ شَيْءٌ مِنْ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ لَمْ يَثْبُتْ فِي حَقِّهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ لَكِنْ كَانُوا كَالْمُنَافِقِينَ. وَقَدْ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُنَافِقِ الَّذِي يُكَذِّبُ الرَّسُولَ فِي الْبَاطِنِ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِ الْمُذْنِبِ فَالْمُعْتَزِلَةُ سَوَّوْا بَيْنَ أَهْلِ الذُّنُوبِ وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي نَفْيِ الْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ عَنْهُمْ بَلْ قَدْ يُثْبِتُونَهُ لِلْمُنَافِقِ ظَاهِرًا وَيَنْفُونَهُ عَنْ الْمُذْنِبِ بَاطِنًا وَظَاهِرًا. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمًا وَلَيْسَ كُلُّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنًا - الْإِيمَانَ الْكَامِلَ - كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ جِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ مَعَ الْقُرْآنِ وَكَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ عَمَّنْ ذَكَرَ عَنْهُ مِنْ السَّلَفِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ الطَّاعَاتُ الظَّاهِرَةُ وَهُوَ الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ لِأَنَّ " الْإِسْلَامَ فِي الْأَصْلِ " هُوَ الِاسْتِسْلَامُ وَالِانْقِيَادُ