للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا هُوَ الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ وَالْإِيمَانُ فِيهِ مَعْنَى التَّصْدِيقِ وَالطُّمَأْنِينَةِ وَهَذَا قَدْرٌ زَائِدٌ فَمَا تَقُولُونَ فِيمَنْ فَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَتَرَكَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مُخْلِصًا لِلَّهِ تَعَالَى ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؟ أَلَيْسَ هَذَا مُسْلِمًا بَاطِنًا وَظَاهِرًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْجَنَّةُ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ فَهَذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنًا. قُلْنَا: قَدْ ذَكَرْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ الْإِيمَانُ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ إذْ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ لَكَانَ مُعَرَّضًا لِلْوَعِيدِ؛ لَكِنْ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْإِيمَانِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمَّا لِكَوْنِهِ لَمْ يُخَاطِبْ بِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْإِيمَانَ الْمَوْصُوفَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَالْإِسْلَامَ لَمْ يَكُونَا وَاجِبَيْنِ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَلْ وَلَا أَوْجَبَا عَلَى مَنْ تَقَدَّمَ قَبْلَنَا مِنْ الْأُمَمِ اتِّبَاعَ الْأَنْبِيَاءِ أَهْلَ الْجَنَّةِ مَعَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُونَ وَمَعَ أَنَّ الْإِسْلَامَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا يُقْبَلُ دِينًا غَيْرَهُ؛ وَهُوَ دِينُ اللَّهِ فِي الْأَوَّلِينَ والآخرين لِأَنَّ الْإِسْلَامَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بِمَا أَمَرَ فَقَدْ تَتَنَوَّعُ أَوَامِرُهُ فِي الشَّرِيعَةِ الْوَاحِدَةِ فَضْلًا عَنْ الشَّرَائِعِ فَيَصِيرُ فِي الْإِسْلَامِ بَعْضُ الْإِيمَانِ بِمَا يَخْرُجُ عَنْهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ كَالصَّلَاةِ إلَى الصَّخْرَةِ كَانَ مِنْ الْإِسْلَامِ حِين كَانَ اللَّهُ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْإِسْلَامِ لِمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَمْسَ الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ لَمْ تَجِبْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ بَلْ الصِّيَامُ وَالْحَجُّ وَفَرَائِضُ الزَّكَاةِ إنَّمَا وَجَبَتْ بِالْمَدِينَةِ؛ وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ إنَّمَا