للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّهُ قَالَ: {لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ أَضَلَّ رَاحِلَتَهُ بِأَرْضِ دَوِيَّةٍ مُهْلِكَةٍ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَطَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا؛ فَاضْطَجَعَ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إذَا دَابَّتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ - وَفِي رِوَايَةٍ - كَيْفَ تَجِدُونَ فَرَحَهُ بِهَا؟ قَالُوا: عَظِيمًا يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ قَالَ: لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ} وَكَذَلِكَ ضَحِكُهُ إلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ كِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ؛ وَضَحِكُهُ إلَى الَّذِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ آخِرَ النَّاسِ وَيَقُولُ أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؛ فَيَقُولُ: لَا وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ وَكُلُّ هَذَا فِي " الصَّحِيحِ ". وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: (تَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت) وَالْقَدِيمُ لَا يُتَصَوَّرُ طَلَبُهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} وَقَالَ: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} . فَهَذَا التَّوَلِّي لَهُمْ جَزَاءُ صَلَاحِهِمْ وَتَقْوَاهُمْ وَمُسَبِّبٌ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا صَارُوا صَالِحِينَ وَمُتَّقِينَ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ؛ لَكِنْ تَعَلَّقَ بِكَوْنِهِمْ مُتَّقِينَ وَصَالِحِينَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّوَلِّيَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مِثْلَ كَوْنِهِ مَعَ الْمُتَّقِينَ وَالصَّالِحِينَ بِنَصْرِهِ وَتَأْيِيدِهِ؛ لَيْسَ ذَلِكَ قَبْلَ كَوْنِهِمْ مُتَّقِينَ وَصَالِحِينَ وَهَكَذَا الرَّحْمَةُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( {الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمُكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ} عَلَّقَ الرِّضَا بِهِ تَعْلِيقَ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ وَالْمُسَبِّبِ بِالسَّبَبِ وَالْجَزَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الشَّرْطِ