وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ} لَكِنْ لَيْسَ مِنْ الْمَشْرُوعِ أَنْ يُطْلَبَ مِنْ الْأَمْوَاتِ لَا دُعَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ. وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: " السَّلَامُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَا بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَيْك يَا أَبَتِ " ثُمَّ يَنْصَرِفُ. وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقِفُ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدْعُو لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَكَذَلِكَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَرَادُوا الدُّعَاءَ اسْتَقْبَلُوا الْقِبْلَةَ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَدْعُونَ مُسْتَقْبِلِي الْحُجْرَةِ وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْعَامَّةِ مَنْ لَا اعْتِبَارَ بِهِمْ فَلَمْ يَذْهَبْ إلَى ذَلِكَ إمَامٌ مُتَّبَعٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا مَنْ لَهُ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ عَامٌّ.
وَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ - مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ - وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ. وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ السَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ الثَّلَاثَةُ - مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ -: يَسْتَقْبِلُ الْحُجْرَةَ وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَسْتَقْبِلُ الْحُجْرَةَ وَقْتَ السَّلَامِ كَمَا لَا يَسْتَقْبِلُهَا وَقْتَ الدُّعَاءِ بِاتِّفَاقِهِمْ. ثُمَّ فِي مَذْهَبِهِ قَوْلَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute